(٢)
رهبان الليل والنجم
سَلْ كربلاء ويومها المشهودا |
|
وسَلِ السهول وَسلْ هناك البيدا |
وسل الرّبى عمّا رأته من الأسى |
|
والدمع أغرقَ سهلهَا وجرودا |
وسل النجومَ البيض تعلم أنها |
|
صارت على هول المصائب سودا |
هذي الفواطم من بنات محمدٍ |
|
يلبَسن من خوف المصير برودا |
والجوّ مربدّ الجوانب قاتمٌ |
|
والريح تبعث في الرمال وقيدا |
ما كان يسمع غير وَلْوَلَة النسا |
|
وصياحهن يفجّر الجلمودا |
وبكاءُ أطفالٍ ونهدةُ مرضعٍ |
|
لم تستطع أن ترضع المولودا |
وبرغم قرب الماء ليس ينالُه |
|
أحدٌ وباتَ على الحسين بَعيدا |
من دونه خيلُ العدى وصوارمٌ |
|
بيضٌ أقامت بالفرات سدودا |
والظالمون تنكّروا لمحمدٍ |
|
علناً وأمسوا للضلال عبيدا |
وتبادرت للذبّ عنه عصبةٌ |
|
عقدتْ على هام الزمان عقودا |
تستقبل الموتَ الزّؤامَ كأنها |
|
تلقى بمعترك النزال الغيدا |
كانوا ضراغمةً يرون أمامَهم |
|
جَيشاً كثيفاً أنكرَ التوحيدا |
وبرغم ذلك يضحكونَ كأنهُمْ |
|
فوقَ المعالي يرتقونَ صعودا |
يتهازلون وهزلهم لا ينطوي |
|
إلاّ على تقوى تصافح جودا |
هذا بُرَير ضاحكٌ مستبشرٌ |
|
وحبيبُ يَعزفُ للمنونِ نشيدا |