فأجابها اعتصمي بحبل محمدٍ |
|
وتصبري فالصبر خير عزاء |
قالت أتغتصب الهدوء وأنت في |
|
همٍّ لتؤنس وحشتي وشقائي |
فبكى وقال لها فلو ترك القطا |
|
ليلاً لنام بمهمه الصحراء |
آن الوداع وإنما هي ليلةٌ |
|
فتودّعي من رؤيتي ولقائي |
وأطلّ نور الفجر بعد أن انقضى |
|
ليلٌ مريرٌ فيه كل شقاء |
فمضى إلى صون العيال بخندقٍ |
|
ترتدّ عنه غارة النذلاء |
والنار فيه أوقدت ولهيبها |
|
خلف الخيام يذيب عين الرائي |
نادى على أصحابه مستبشراً |
|
كالنور يضحك في دجى الظلماء |
اليوم عرس شهادةٍ نرجو بها |
|
رضوان خالقنا وفيض هناء |
ودماؤنا تروي الفلاة وتكتسي |
|
منها الرمال بحلّةٍ حمراء |
والصّبر ليس لنا سواه إذا جرت |
|
خيل الردى خبباً على البيداء |
ورنت إلى خيل العدى أنظاره |
|
فرأى بها بحراً على الصحراء |
والموج يزخر بالضلالة والعمى |
|
وبه تموت ضمائر السفهاء |
فتوجّهت أبصاره نحو السما |
|
ودعا بكل تضرعٍ وثناء |
ربّاه أنت من المصائب منقذي |
|
يا عدتي في شدتي ورخائي |
أنت الكريم عليك حُسن توكلي |
|
حمداً وأنت مُعَوّلي ورجائي |
فاجعل خواتيم الفعال محجّة |
|
بيضاء واكتبني مع الشهداء (١) |
__________________
(١) كربلاء ( ملحمة ) للعسيلي : ص ٣٠٢ ـ ٣٠٤.