إن ليلة عاشوراءَ وما ترتب عليها من آثار ومواقف جاءت نتيجة لموقف الحسين عليهالسلام الشرعي ، وانطلاقاً من مبدئه السامي القائم علىٰ طلب الإصلاح في أُمة جده صلىاللهعليهوآله كما أوضح هذا قبل خروجه قائلاً :
وأني لم أخرُج أَشِراً ولا بَطِراً ولا مُفسِداً ولا ظالِماً ، وإِنما خَرجتُ لطِلبِ الإصلاح في اُمّة جَدّي صلىاللهعليهوآله ، اُريدُ أَن آمرَ بالمعروف وأَنهىٰ عن المُنكر ، وأَسيرَ بسيرةِ جَدّي وَأبي علي بن أبي طالب ، فمن قَبلني بقَبول الحق فاللهُ أولى بالحق َ ومَنْ رَدَّ عليَّ هذا أصبرُ حتىٰ يقضي اللهُ بيني وبين القوم وهو خيرُ الحاكمين (١).
وقد أكد علىٰ ذلك أيضاً في خطبته التي خطبها في ذي حُسْم (٢) قائلاً :
إنَّهُ قد نَزل بنا مِن الأمر ما قد تَرون ، وإِنَّ الدُّنيا قَدْ تَغيَّرت وتَنكّرَت وأَدبر معرُوفُها ، واستمرَّت جِدّاً ، فلم يَبقَ مِنْها إلا صُبابَةٌ كصُبابةِ الإناءِ ، وخَسيسُ عَيشٍ كالمرعى الوبيلِ ، أَلا تَرَونَ أن الحَقَّ لا يُعملُ بهِ ، وأن الباطل لا يُتناهىٰ عنهُ ، ليرغَبِ المؤْمنُ في لقاءِ اللهِ مُحقّاً ، فإنّي لا أَرى المَوتَ إلا سعادةً ، ولا الحياةَ مع الظالِمين إلا بَرماً (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٢٩ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ١ ، ص ١٨٨ـ ١٨٩ ، مقتل الحسين للمقرم : ص ١٣٩.
(٢) قيل : إنه موضع بالكوفة أو جبل في طريق البر ، وفيه استقبل الحر الرياحي في ألف فارس.
(٣) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٣٠٥ ، تاريخ دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام ) : ص ٢١٤ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٨١.