فقد أوضح عليهالسلام في خُطبته أن الدنيا تغيرت عمّا هو المرجو من جريانها ، وأنكرت وأدبر معروفها ، بحيث صار المُنكر مَعروفاً والمعروف مُنكراً ، ولا بدَ من إصلاح ما فسد وتقويم ما اعوج ، وإن أدىٰ ذلك إلى الشهادة ، وهو ما عَبّر عنه بقوله عليهالسلام : ليرغب المؤمنُ في لقاءِ الله مُحقاً.
ومما أشار إليه عليهالسلام في خطبته هو أنه يرى الحياةَ مع الظالمين برماً ، ولِذا وَقف موقفاً صارماً وحازماً من بيعة يزيد بن معاوية.
وحيث أن الإمام الحسين عليهالسلام إمامٌ معصومٌ مفترضُ الطاعة فيجب على الأمة الانقياد إليه والائتمار بأمره ، فما رآه عليهالسلام ودعا إليه فهو الحق وما رفضه ونهىٰ عنه فهو الباطل ، فلما رأىٰ عليهالسلام بأن وظيفته وتكليفه يحتمان عليه السير في إصلاح ما فسد في الأمة ، ليحق الحق ويبطل الباطل سار علىٰ ذلك وإن انتهى به الأمر إلى الشهادة ، وله بهذا أسوةٌ بالأنبياء عليهمالسلام الذين واجهوا الصعاب في سبيل الله تعالىٰ ، حتى أُوذوا وشُرِّدوا ونُفوا عن أوطانهم ، ومنهُم من تَعرَّض للقتل ونُشر بالمنشار ، ومنهم من قُطع رأسُه في سبيله تعالىٰ كيحيىٰ بن زكريا عليهالسلام وأُهدي رأسُه إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
واختار يحيىٰ أن يُطاف برأسه |
|
وله التأسي بالحسين يكونُ |
ومنهم من أرادوا إحراقه بالنار لولا أن نجاه اللهُ كإبراهيم الخليل عليهالسلام الذيِ سار علىٰ ضَوءِ ما يُمليِه عليه الواجب الديني ، فَكسّرَ أصنام المشركين فكانت النتيجة تعرضه للقتل ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) (١) وغيرهما من
__________________
(١) سورة الأنبياء : الآية ٦٨.