قال : كنت مع مولاي فلما حضر الناس وأقبلوا إلى الحسين عليهالسلام أمر الحسين بفسطاط فضرب ثم أمر بمسك (١) فميث (٢) في جفنة (٣) عظيمة أو صفحة ، قال : ثم دخل الحسين عليهالسلام ذلك الفسطاط فتطلى بالنورة ، قال : ومولاي عبد الرحمن بن عبدربه وبُرير بن خضير الهمداني على باب الفسطاط تحتكّ مناكبهما ، فازدحما أيهما يطلي على أثره فجعل برير يهازل عبد الرحمن !
فقال له عبد الرحمن : دعنا فوالله ما هذه بساعة باطل ! فقال له برير : والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شاباً ولا كهلاً ، ولكن والله إني لمستبشر بما نحن لاقون ، والله إن بيننا وبين الحور العين إلاّ أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم ولوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم !
قال : فلما فرغ الحسين عليهالسلام دخلنا فاطّلينا (٤) (٥).
__________________
عبد الرحمن القرآن وربّاه ، وكان عبد الرحمن أحد الذين أخذوا البيعة للحسين عليهالسلام في الكوفة ، وجاء مع الحسين فيمن جاء من مكة ، وقُتل عبد الرحمن في الحملة الاُولى.
راجع : إبصار العين : ص ٩٣ ، أنصار الحسين لشمس الدين : ص ٩٧.
(١) روي عن يسار بن عبد الحكم قال : أنتُهب عسكر الحسين عليهالسلام فوَجِدَ فيه طيب ، فما تطيّبت به امرأة إلا برصت. العقد الفريد : ج ٤ ، ص ٣٨٤ دار الكتاب العربي ، وج ٥ ، ص ١٣٣ ، دار الكتب العلمية.
(٢) موث : ماث موثاً وموثاناً ، الشيء بالشيء خلطه به ، والشيء في الماء أذابه فيه ، المنجد : ص ٧٧٩.
(٣) الجَفْنَة : القصعة الكبيرة.
(٤) قد اُختلف في وقوع هذه الحادثة ليلاً ، وقد رواها أبو مخنف في اليوم التاسع ، قال الفاضل القزويني : ويظهر من ابن نما أيضاً أن ذلك كان في غداة يوم عاشوراء ، وهو بعيد جداً ، وأبعد منه أن ذلك كان في ليلة تاسوعاء ، صرح بذلك في الناسخ ، وقد ذكر جملة من وقائع ليلة عاشوراء في ليلة تاسوعاء ، وهو اشتباه في اشتباه. والأكثر ـ على ما صرحوا به ـ أنه كان في ليلة عاشوراء وهو الأصح نقلاً واعتباراً. الإمام الحسين وأصحابه للقزويني : ج ١ ، ص ٢٥٩.