المستجير ، فجَدُّوا في إلقاءِ القبض عليه ، أو قتله غيلةً ولو وُجدَ مُتعلقاً بأستارِ الكعبة ، فالتزم بأن يجعل إحرامَهُ عُمرةً مُفردةً وترك التمتعَ بالحج ، فتوجه إلى الكوفة لأنهم كاتبوه وبايعوه وأكدوا المصيرَ إليهم لإنقاذهم من شرور الأمويين ، فألزمَهُ التكليف بحسب ظاهر الحال إلىٰ موافقتهم إتماماً للحجة عليهم ، لئلا يعتذروا يوم الحساب بأنهم لجأوا إليه واستغاثوا به من ظلم الجائرين ، فاتهمهم بالشقاق ولم يغثهم مع أنه لو لم يرجع إليهم فإلى أين يتوجه ، وقد ضاقت عليه الأرض بما رحُبت ، وهو معنى قوله لابن الحنفية : لو كنت في جحر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتىٰ يقتلوني (١) !
وقال لأبي هرّة ـ الأزدي ـ : إنَّ بني أُميةَ أخذُوا مالي فَصبرْت ، وَشتموا عِرضي فَصبرت ، وَطلبُوا دَمي فهرَبت (٢) (٣).
ولهذا كان عليهالسلام يُؤكدُ للناس أنها وظيفةٌ شرعيةٌ لا محيص عنها ، وخصوصاً مع أُولئك الذين حاولوا صرفَهُ عن طريقه ، وتغيير وجهَة نظره ، فكان ينسبُ الأمر إلى الله تعالى وبأمرٍ من جده صلىاللهعليهوآله كما أوضح هذا إلىٰ أخيه محمد بن الحنفية حينما عزم على الخروج من مكة المكرمة ، وقد قال له أخوه ابن الحنفية : ألم تعدني النظر فيما سألتك ؟ قال : بلىٰ ، ولكن بعدما فارقتك أتاني رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا حسين اخرج فان الله تعالىٰ شاءَ أن يراك قتيلاً.
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٤ ، ص ٢٨٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ج ١ ، ص ٢١٨ ، بحار الأنوار : ج ٤٥ ، ص ٩٩.
(٢) مقتل الحسين للخوارزمي : ج ١ ، ص ٢٢٦ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ، ص ٣٦٨ ، اللهوف : ص ٣٠.
(٣) مقتل الحسين للمقرم : ص ١٧٠ عن الخصائص الحسينية ص ٨٥.