الأستاذ سلمان الربيعي
قصيدة الربيعي مثبّتة في المتن الشعري كنصٍّ يستحضر بإخلاص وجهد تجربة تدّعي التجارب الشعرية الجديدة أنها قد طواها الزمن لكن الربيعي يراها لا تزال حيّة ونابضة وله الحقُّ في ذلك طالما أن هناك فئات كثيرة من القرّاء لا زالت تستحسن ذلك وتعدّه صحيحاً وتجد في الربيعي من الشعراء مَنْ يُرسّخ ويثبّت هذا الإستصحاب لِما كان في نتاجه الغزير لإثراء هذا التوجه كمّاً ونوعاً.
وللإنصاف فالربيعي من الشعراء المعدودين الذين يواصلون سدّ إحتياجات المنبر الحسيني إلى الجديد من النصوص خطباء ومنشدي عزاء وهو شاعر على أهبة الإستعداد لتلبية نداءات الولاء والقضية الحسينية.
والقصيدة عند الربيعي تعبويّة التوجّه مخطّطٌ لها بإحكام يركن بجدّ إلى معطيات علوم العربية في كلّ تشعّباتها من نحوٍ وصرف وبلاغة وبيان ومعان وعروض ، وأغلب شعره يُرى فيه قابليته لأن يكون شاهداً من شواهد العلوم.
فالربيعي يستعرض ما تعلّمه من فنون وعلوم في شعره وخصوصاً في تفريعات العلوم اللغوية ويرى فيه نوعاً من الإنتماء إلى الأصيل والثابت الذي يشكّل هويته الشعرية والذي يُخلص في الالتحام به على الرغم من كون هذه النظرة نظرة تراثية إلى التراث نفسه ، لكن الربيعي يحتمي تحت سقفها وله فيها كل الحق.
ولا زلت أرى في خروجه على طوق النظم في بحر الكامل ـ الأثير لديه ـ وتثبيت هذا الخروج إنفتاحاً على إمكانات بنائية تمنحها الأبحر الأخرى للربيعي الذي بدأ ذلك في مجموعته الشعرية الثالثة ـ طيف الوطن ـ ولكن بحذرٍ شديد وتوجس.