وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) (١).
وإن قلت : أسلما كرهاً كان يقصدني بالطعن ; إذ لم تكن ثمَّة سيوف منتضاة (٢) كانت تريهما البأس.
قال سعد : فصدرت عنه مزورَّاً (٣) قد انتفخت أحشائي من الغضب ، وتقطَّع كبدي من الكرب ، وكنت قد اتخذت طوماراً ، وأثبتُّ فيه نيِّفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيباً ، على أن أسال عنها خبير أهل بلدي ; أحمد بن إسحاق ، صاحب مولانا أبي محمّد عليهالسلام (٤) فارتحلت خلفه ، وقد كان خرج قاصداً نحو مولانا بسر من رأى ، فلحقته في بعض المنازل ، فلمَّا تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق ثمَّ العادة في الأسئلة.
قال : قد تكافينا على هذه الخطّة الواحدة ، فقد برَّح بي القرم (٥) إلى لقاء مولانا أبي محمّد عليهالسلام وأنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ، ومشاكل في التنزيل فدونكها الصحبة المباركة ، فإنها تقف بك على ضفّة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا تفنى غرائبه ، وهو إمامنا.
فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيِّدنا ، فاستأذنّا فخرج علينا الإذن بالدخول عليه ، وساق الحديث في عرض أسئلته على الإمام عليهالسلام وجواباته له ، إلى أن قال : ثمَّ قال مولانا عليهالسلام : يا سعد! وحين ادّعى خصمك أن رسول
__________________
١ ـ سورة المؤمن ، الآية : ٨٤.
٢ ـ انتضى السف : سلَّه.
٣ ـ الإزورار عن الشيء : العدول عنه.
٤ ـ يعني الإمام الحسن العسكري عليهالسلام.
٥ ـ المراد بها هنا : شدّة الشوق.