ثانياً : أن دلالة بعض الروايات التي ادّعيت استفادة الغسل منها مخدوشة ، وعمدة ما استدلّ به على الغسل هو الرواية المعروفة ، وهي : كنّا نمسح على أرجلنا ، فرأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك فقال : ويل للأعقاب من النار (١).
وصريح هذه الرواية أن أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يمسحون على أرجلهم ، وأما جملة ، ويل للأعقاب من النار ، فأيُّ دلالة فيها على وجوب غسل الأعقاب ، وجعله من الوضوء؟
وهذه الرواية تدل على أن الصحابة كانوا أيضاً يمسحون أرجلهم ، وهذا يعني أنهم أخذوه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهي صريحة في أن المسح كان عندهم أمراً واضحاً ، ومعروفاً فيما بينهم.
وعلى فرض صدور هذه الرواية من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه قال : ويل للأعقاب
__________________
الرحمة بالإسناد عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن على كل حقّ حقيقة ، وعلى كل صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه.
راجع : الكافي ، الكليني : ١ / ٦٩ ح ١ ، الأمالي ، الصدوق : ٤٤٩ ح ١٨ ، المحاسن ، البرقي : ١ / ٢٢٦ ح ١٥٠.
وروى الأشعري عنه عليهالسلام ، قال : كل ما خالف كتاب الله في شيء من الأشياء من يمين أو غيره ردّ إلى كتاب الله. النوادر ، الأشعري : ١٧٣ ح ٤٥٢.
وقد ذكر السيّد مهدي الروحاني رحمهالله تعالى في كتابه : ( بحوث مع أهل السنّة والسلفية ) أن هذه الأحاديث ـ أي أحاديث عرض الحديث على الكتاب ـ ناظرة إلى قبول الموافق وردّ المخالف ، أمَّا ما لا يوافق ولا يخالف فهو باق تحت حجّيّة الأخبار ، كما جاء في كتاب موسوعة التاريخ الإسلامي ، اليوسفي : ١ / ٥٩.
١ ـ روى البخاري ، عن عبدالله بن عمرو قال : تخلَّف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في سفرة سافرناها ، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضّأ ، فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار مرَّتين أو ثلاثاً.
صحيح البخاري : ١ / ٢١ ، صحيح ابن حبان : ٣ / ٣٣٥ ، المعجم الكبير ، الطبراني : ٨ / ٢٨٩.