من النار ، فلعلّه التفت إلى أن بعضهم كانوا يبولون ، وأن البول يصل إلى أعقابهم ، ويتوضّأون ولا يغسلون أعقابهم من النجاسة ، ولا يتحرَّزون منها ، فقال حينئذ : ويل للأعقاب من النار.
فهذه الجملة لا توجب غسل الرجلين في الوضوء ، بل تدلّ على وجوب تطهير الرجلين من النجاسة.
كما أن الرواية لا تعارض الآية الشريفة ; إذ أن الرواية أقصى ما تدلّ عليه هو وجوب إزالة النجاسة عن الأعقاب ، ولا دلالة فيها على وجوب غسل الأرجل وكونه من الوضوء ، نعم يظهر منها أن بعض الصحابة كانوا يتهاونون في إزالة النجاسة عن أعقابهم.
والجدير بالذكر أن محمّد رشيد رضا ذكر عن بعضهم أن دلالة هذه الرواية على وجوب المسح في الوضوء أقوى من دلالتها على وجوب غسل الرجلين.
والخلاصة أنَّه قد وقع النزاع والاختلاف بين الأمّة في تفسير الآية الشريفة ، فقال قوم بالمسح ، وهم فقهاء كثيرون من الأمّة في عصر التابعين.
وفي هذه الحالة نرجع إلى سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونراه يقول : إني مخلِّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي (١) ، فجعل المرجع في مثل هذا الحال إلى أهل بيته عليهمالسلام ، فنرجع إلى آل محمّد عليهمالسلام ، وهم الذين أوجب الصلاة عليهم بعد الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع الصلوات ، وجعلهم في الصلاة تلو محمَّد رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لنفهم أن لهم مقاماً عظيماً ليس لغيرهم ، يتلو مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو كان هناك أناس أفضل منهم وأحقّ منهم لقدَّمهم عليهم.
__________________
١ ـ تقدمت تخريجاته.