قال : كلا.
__________________
بالمقام على البقي ، مفارقة لأمر الله ، ومن يفارق أمر الله لا يكون مهتدياً. راجع : شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٢٠ / ٢٨ ، الجزء الأول من هذا الكتاب : ٥١٧ المناظرة الثانية والسبعون.
وقال الحجّة السيِّد محمّد تقي الحكيم عليه الرحمة : والجواب عن هذه الأحاديث ونظائرها ـ بعد التغافل عن أسانيدها ، وحساب ما جاء في بعضها من الطعون ، أمثال ما ذكره ابن حزم عن حديث : أصحابي كالنجوم من أنه حديث موضوع مكذوب باطل ، وقال أحمد : حديث لا يصح ، وقال البزار : لا يصحُّ هذا الكلام عن النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن هذه الروايات لا يمكن الأخذ بظاهر بعضها ، ولا دلالة للبعض الآخر على المدّعى.
وأوَّل ما يرد على الرواية الأولى ونظائرها من الروايات الآمرة بالاقتداء بهم استحالة صدور مضمونها من المعصوم ; لاستحالة أن يعبِّدنا الشارع بالمتناقضين ، وتناقض سيرة الخلفاء في نفسها من أوضح الأمور لمن قرأ تأريخهم ، واستقرأ ما صدر عنهم من أحداث ، وحسبك أن سيرة الشيخين مما عرضت على الإمام علي عليهالسلام يوم الشورى ، فأبى التقيُّد بها ، ولم يقبل الخلافة لذلك ، وقبلها عثمان وخرج عليها بإجماع المؤرِّخين ، وفي أيام خلافة الإمام نقض كل ما أبرمه الخليفة عثمان ، وخرج على سيرته ، سواء في توزيع الأموال أم المناصب أم أسلوب الحكم ، والشيخان نفسهما مختلفا السيرة ، فأبو بكر ساوى في توزيع الأموال الخراجيّة ، وعمر فاوت فيها ، وأبو بكر كان يرى طلاق الثلاث واحداً ، وعمر شرَّعه ثلاثاً ، وعمر منع عن المتعتين ، ولم يمنع عنهما الخليفة الأول ، ونظائر ذلك أكثر من أن تحصى.
وعلى هذا ، فأيَّة هذه السير هي السنّة؟ وهل يمكن أن تكون كلُّها سنَّة حاكية عن الواقع ، وهل يتقبَّل الواقع الواحد حكمين متناقضين؟! وما أحسن ما ناقش الغزالي ( المستصفى : ١ / ١٣٥ ) أمثال هذه الروايات بقوله : ( فإن من يجوز عليه الغلط والسهو ، ولم تثبت عصمته عنه فلا حجَّة في قوله ، فكيف يحتجُّ بقولهم مع جواز الخطأ؟ وكيف تدَّعى عصمتهم من غير حجّة متواترة؟ وكيف يتصوَّر عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف؟ وكيف يختلف المعصومان؟ كيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابة ، فلم ينكر أبو بكر وعمر على من خالفهما بالاجتهاد ، بل أوجبوا في مسائل الاجتهاد على كل مجتهد أن يتبع اجتهاد نفسه ، فانتفاء الدليل على العصمة ، ووقوع الاختلاف بينهم ، وتصريحهم بجواز مخالفتهم فيه ثلاثة أدلة قاطعة ).
راجع : الأصول العامة للفقه المقارن ، السيِّد محمّد تقي الحكيم : ١٣٨ ـ ١٣٩.