قلت : مهلا يا أخي عادل! على فرض التسليم بصحّة الحديث سنداً ونصّاً ، ففيه أمرٌ بالأخذ ممن يصدر عليه الخطأ والجهل ، وهو غير معصوم ، ويجعل الكذب والافتراء والاختلاف هدى ، هذا صحيح؟
قال عادل : كلا ، ليس كما تقول.
قلت : لقد روي عن المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم عدّة أحاديث مفادها : أنه سيكون بعدي أمور منكرة عن فتن مظلمة كقطع الليل ، وأمراء ضلال لا يستنّون بسنّته ، ويستأثرون بالفيء ، وأن جماعة من أصحابه يرتدُّون على أعقابهم ، ويؤمر بهم يوم القيامة ذات الشمال ، فهل هذا هدى أم ضلال؟ أيجوز الاقتداء بهم أم لا؟
قال عادل : إنهم مجتهدون ، وقال المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم : المجتهد إن أصاب فله أجران ، وإن لم يصب فله أجر واحد.
قلت : أولا : بعض الأصحاب اجتهدوا وقتلوا لاجتهادهم ، كما هو المعروف عن مالك بن نويرة الذي قتله خالد بن الوليد ، ونزا على امرأته لمَّا امتنع من إعطاء الزكاة إلاَّ لمن أمره الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بإعطائه له ، وهو علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وثانياً : ليس كل الصحابة مجتهدين ، بل فيهم أهل البادية ، ومنهم الأمّيُّون ، ومنهم من لم يسمع إلاَّ حكماً أو حكمين من الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفجأة نظرت إلى ساعتي ، وإذا هي قد تجاوزت الثانية عشر منتصف الليل ، وشعرت من الأخ عادل ميله إلى الراحة ، وأن التعب أرهقني طول النهار ، فقلت : أستميحك عذراً ، تكلَّمت كثيراً ، وربما جرحت شعورك ، عفواً ، لا قصد لي في ذلك ، والله شاهد وهو خير شاهد.
فقال عادل : لا والله بالعكس ، إن الحبيب المختار صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : الحكمة