ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها ، وقد استفدت الكثير ، وظهرت لي أمور كنت أجهلها ، وربما تصوَّرت خلاف الحقيقة والواقع عنها ، والحمد لله ، على كل حال كانت فرصة سعيدة.
وأخذ بيدي واحتضنني ، وأضاف قائلا : أزعجتك هذه الأمسية ، وإن شاء الله غداً أزورك في نفسك الموعد الذي التقينا فيه في هذا اليوم.
فقلت : نعم ، وأنا في خدمتك ، ولحظات من حياتي لن تنسى.
وودَّعني شاكراً ، وانصرف إلى مكان إقامته.
اللقاء الثاني :
وفي اليوم التالي قبل الموعد المقرَّر بساعة تركت حجرتي ، وذهبت إلى الصالة منتظراً قدوم صديقي ، ولمَّا شاهدته قادماً قمت إليه مستقبلا ، وحيَّيته بحرارة ، وتبادلنا الكلمات المتعارفة والتحيَّات المتداولة ، وجلسنا على الطاولة في آخر الصالة لكي نتمتَّع بحرّيَّة أكثر في المحاورة ، ثمَّ بدأنا الحديث.
القول الثالث : الحد الوسط.
فقد قلنا سابقاً إن الصحبة لا تمنح الفرد تلك المناعة المسمَّاة بالعصمة ; لأن الملاك والمقياس للعلوِّ والمنزلة في الإسلام التقوى لا الصحبة ، بمفاد الآية الكريمة : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وقول الحبيب صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا فضل لعربي على أعجميٍّ إلاَّ بالتقوى (١) ، ولأجل توضيح أكثر وبيان أوسع نستدل بالأدلّة التالية :
١ ـ الكتاب الكريم
لقد ورد في الكتاب العزيز عدّة آيات ، بل سور تدلُّ على عدم صدق نيَّة
__________________
١ ـ مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٤١١ ، المعجم الأوسط ، الطبراني : ٥ / ٨٦.