حيٍّ ولا ميِّت ، ولا أيِّ مخلوق .. هذا حسب إدراك عقولنا ، ولكنَّه سبحانه بنى هذا الكون ، وخلق الإنسان ، وأقام حياته في الأرض على أساس الأسباب والمسبَّبات في أمور الطبيعة ، وأخبرنا أن عبادته والطلب منه لها أصول وأسباب ، وأن علينا أن نتعامل معه حسب هذه الأصول.
مثلا : لماذا يجب الإيمان بالرسول؟ فإذا أردنا أن ننفي الواسطة نقول : إن المطلوب هو الإيمان بالله وحده ، والرسول مبلِّغ ، وقد بلَّغ ذلك وانتهى الأمر ، فلماذا نجعل الإيمان به مقروناً بالإيمان بالله تعالى؟! لماذا قال الله تعالى : ( أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ) (١) ، ولم يقل : أطيعوني فقط كما بلَّغكم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!! وهذا المثل قد يكون صعباً.
مثال آخر : الكعبة .. لماذا أمر الله تعالى ببناء غرفة ، وقال توجَّهوا إليها ، وحجُّوا إليها ، وتمسَّحوا بها؟ هل يفرق عليه في عبادتنا له أن نصلّي له إلى هذه الجهة أو تلك؟ أو تحجّ تلك المنطقة أو لا تحجّ؟ فلماذا جعلها واسطة بيننا وبينه؟! بل .. إن الصلاة أيضاً نوع من التوسُّل ، وقد يسأل إنسان : هل تحتاج عبادة الله إلى صلاة له؟ بل إن الدعاء أيضاً توسُّل ، فالله تعالى مطّلع على الضمائر والحاجات ، فلماذا يطلب أن نقول له؟ بل يمكن لهذا التفكير العقلي أن يوصل الإنسان إلى القول : لماذا خلق الله الإنسان بحيث تكون له حاجات ، وقال له ادعني حتى أستجيب لك؟
إنّا جميعاً ـ يا صارم ـ أفكار العقل القاصر أمام حكمة الله تعالى ، وحكمته تعرف بالشرع والعقل معاً ، وليس بظنون العقل واحتمالاته!! وما دام مبدأ التوسُّل
__________________
١ ـ سورة النساء ، الآية : ٥٩.