صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ ) (١) ، وقوله : ( أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّة ) (٢) ، ولا مدح له في صحبته ; إذ لم يدفع عنه ضيماً ، ولم يحارب عنه عدوّاً.
الثاني : قوله تعالى : ( لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ) (٣) ، وذلك يدلُّ على قلقه وضرعه ، وقلَّة صبره ، وخوفه على نفسه ، وعدم وثوقه بما وعده الله ورسوله من السلامة والظفر ، ولم يرض بمساواته للنبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى نهاه عن حاله.
ثم إني أسألك عن حزنه هل كان رضاً لله تعالى أو سخطاً له؟ فإن قلت : إنّه رضاً لله تعالى خصمت ; لأن النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينهى عن شيء لله فيه رضاً ، وإن قلت : إنّه سخط فما فضل من نهاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن سخط الله؟ وذلك أنّه إن كان أصاب في حزنه فقد أخطأ من نهاه ، وحاشا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون قد أخطأ ، فلم يبق إلاَّ أن حزنه كان خطأ ، فنهاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن خطأه.
الثالث : قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ) تعريف لجاهل لم يعرف حقيقة ما يهم فيه (٤) ، ولو لم يعرف النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فساد اعتقاده لم يحسن منه القول : ( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ) ، وأيضاً فإن الله تعالى مع الخلق كلِّهم ، حيث خلقهم ورزقهم ، وهم في علمه كما قال الله تعالى : ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَة إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَة إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ ) (٥) ، فلا فضل لصاحبك في هذا الوجه.
__________________
١ ـ سورة الكهف ، الآية : ٣٧.
٢ ـ سورة سبأ ، الآية : ٤٦.
٣ ـ سورة التوبة ، الآية : ٤٠.
٤ ـ في نسخة : ما هم فيه.
٥ ـ سورة المجادلة ، الآية : ٧.