فحال دون ذلك مروان بن الحكم ، وآل أبي سفيان ، ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان ، وقالوا : أيدفن أميرالمؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلماً بالبقيع بشرِّ مكان ، ويدفن الحسن عليهالسلام مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! والله لا يكون ذلك أبداً حتى تكسر السيوف بيننا ، وتنقصف الرماح ، وينفد النبل.
فقال الحسين عليهالسلام : أما والله الذي حرَّم مكة ، لَلْحسن بنُ عليٍّ بنُ فاطمة أحقُّ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ، وهو والله أحقُّ به من حمَّال الخطايا ، مسيِّر أبي ذر رحمهالله ، الفاعل بعمَّار ما فعل ، وبعبد الله ما صنع ، الحامي الحمى ، المؤوي لطريد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكنَّكم صرتم بعده الأمراء ، وبايعكم على ذلك الأعداء وأبناء الأعداء.
قال : فحملناه ، فأتينا به قبر أمِّه فاطمة عليهاالسلام فدفنّاه إلى جنبها.
قال ابن عباس : وكنت أول من انصرف ، فسمعت اللغط ، وخفت أن يعجل الحسين عليهالسلام على من قد أقبل ، ورأيت شخصاً علمت الشرَّ فيه ، فأقبلت مبادراً ، فإذا أنا بعائشة في أربعين راكباً على بغل مرحَّل ، تقدمهم وتأمرهم بالقتال ، فلمَّا رأتني قالت : إليَّ إليَّ يابن عباس! لقد اجترأتم عليَّ في الدنيا ، تؤذونني مرَّة بعد أخرى ، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحبُّ.
فقلت : واسوأتاه! يوم على بغل ، ويوم على جمل ، تريدين أن تطفئي فيه نور الله ، وتقاتلي أولياء الله ، وتحولي بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين حبيبه أن يدفن معه ، ارجعي فقد كفى الله ( تعالى ) المؤنة ، ودفن الحسن عليهالسلام إلى جنب أمِّه ، فلم يزدد من الله ( تعالى ) إلاَّ قرباً ، وما ازددتم منه والله إلاَّ بعداً ، يا سوأتاه! انصرفي فقد رأيت ما سرَّك.
قال : فقطَّبت في وجهي ، ونادت بأعلى صوتها : أما نسيتم الجمل يابن