عباس؟ إنكم لذوو أحقاد.
فقلت : أما والله ما نسيه أهل السماء ، فكيف ينساه أهل الأرض؟! فانصرفت وهي تقول :
فألقت عصاها فاستقرَّت بها النوى |
|
كما قرَّعيناً بالإياب المسافر (١) |
وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ١٣ ـ ١٤ ، قال : روى المدائني ، عن يحيى بن زكريا ، عن هشام بن عروة ، قال : قال الحسن عليهالسلام عند وفاته : ادفنوني عند قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاَّ أن تخافوا أن يكون في ذلك شرٌّ ، فلمَّا أرادوا دفنه قال مروان بن الحكم : لا يدفن عثمان في حشّ كوكب (٢) ويدفن الحسن ها هنا ، فاجتمع بنو هاشم وبنو أميَّة ، وأعان هؤلاء قوم ، وهؤلاء قوم ، وجاءوا بالسلاح ، فقال أبو هريرة لمروان : أتمنع الحسن عليهالسلام أن يدفن في هذا الموضع ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّة؟! قال مروان : دعنا منك ، لقد ضاع حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ كان لا يحفظه غيرك وغير أبي سعيد الخدري! وإنّما أسلمت أيام خيبر ..
وروى ابن عساكر ، عن محمّد بن الضحاك الحرامي قال : لمَّا بلغ مروان ابن الحكم أنهم قد أجمعوا أن يدفنوا الحسن بن علي عليهالسلام مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء إلى سعيد بن العاص ـ وهو عامل المدينة ـ فذكر ذلك له ، فقال : ما أنت صانع في أمرهم؟
فقال : لست منهم في شيء ، ولست حائلا بينهم وبين ذلك.
__________________
١ ـ الأمالي ، الشيخ الطوسي : ١٦٠ ، بحار الأنوار ، المجلسي : ٤٤ / ١٥١ ح ٢٢.
٢ ـ قال في الهامش : حش كوكب ـ بفتح أوَّله وتشديد ثانيه ـ موضع عند بقيع الغرقد ، اشتراه عثمان ، وزاده في البقيع ، ولمَّا قتل ألقي فيه.