فخلت ملغى. والتقدير : ما أبقى من مودة عراض المذاكي ، يعني التقدم في الحرب ف (أراها) في البيت [كقول الشاعر] :
٦٥ ـ هذا سراقة للقرآن يدرسه |
|
والمرء عند الرّشى إن يلقها ذيب (١) |
أي : يدرس الدرس. ولا يكون : يدرس القرآن ، لأنه إذا تعدى إليه باللام ، لم يتعد إليه الثاني بلا لام. كما أن قوله : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها)(٢) فيمن قرأ : (ولكلّ وجهة) بالإضافة (٣) ، يكون للمصدر ، لأنه لا يكون للوجهة ، لما ذكرنا. فثبت أن قوله : (ثمّ بدا لهم) أي : ثم بدا لهم بداء. كما أن قوله :
٦٦ ـ فجال على وحشيّه ، وتخاله |
|
على ظهره سبّا جديدا يمانيا (٤) |
أي : تخال الخيل ، والظن. [فإن قلت] : فهل يجوز أن تتعرى الجملة من الضمير العائد إلى المبتدأ؟!.
[قلت] : لا ، فإن لم يكن ظاهرا ، فهو مضمر. وقد ذكر أبو الفتح هذا من كلامهم : (السّمن منوان بدرهم) (٥) على أن التقدير : منه ، فحذف للعلم به. فلا بد من الضمير لربط الثاني بالأول.
[فإن قلت] : في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٦) فالذين كفروا : اسم إن. وهو بمنزلة المبتدأ. وقوله (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) : جملة. لأن سواء مبتدأ ، وخبره أأنذرتهم أم لم تنذرهم. وليس في الجملة ما يعود إلى سواء ، لا ظاهرا ، ولا مضمرا. أما الظاهر فلا إشكال فيه. وأما المضمر ، فإن كل شيء في الكلام قد استوفى ما يقتضيه. ففي أين يقدر ذلك؟! [قلت] : إن هذا الكلام ، محمول على المعنى. فالذي قدره في الحجة ، أنه في تقدير : سواء عليهم الإنذار ، وترك الإنذار ، ولو ذكر هكذا لم يحتج في الإنذار إلى عائد يعود منه إلى سواء. قال : فسواء مبتدأ. وما بعده في تقدير المفرد ، خبر عنه (٧). والمفرد إذا لم يكن اسم فاعل ، لم يحتج إلى ذكر يعود منه إلى الأول. ورأيت في بعض كلامه ، أن قولهم : سواء علي : أقمت ام
__________________
(١) البيت من البسيط ، بلا نسبة في : الكتاب ٣ : ٦٧ ، والتحصيل ٤٠٦ ، ورسالة الغفران ٢٥٥ ، وشرح اللمع ـ لابن برهان ٢ : ٥٩٦ ، واللسان (سرق) ١٠ : ٧٧ ، وهمع الهوامع ٤ : ٢٠٥ ، والخزانة ٢ : ٣ ، ٥ : ٢٦٦ ، ٩ : ٤٨ ، ٦١ ، ٥٤٧.
(٢) ٢ : سورة البقرة ١٤٨.
(٣) وهي قراءة : ابن عباس ، وابن عامر. مختصر في شواذ القرآن ١٠ ، والبحر المحيط ١ : ٤٣٧ ،
(٤) البيت من الطويل ، لسحيم عبد بني الحسحاس ، في : ديوانه ٣٠ ، وابن يعيش ١ : ١٢٤.
وبلا نسبة في شرح اللمع ـ لابن برهان ٢ : ٥٩٧.
الوحشي : الجانب الأيمن من كل شيء. اللسان (وحش) ٦ : ٣٦٩. السب : الثوب الرقيق ، وجمعه : سبوب ، وسبائب ، وفي الحديث : (ليس في السبوب زكاة). اللسان (سبب) ١ : ٤٥٤.
(٥) المقتصد ١ : ٢٨٠ ، ٢٨١ ، وشرح شذور الذهب ١٨٢ ، ٢٥٦.
(٦) ٢ : سورة البقرة ٦. وينظر : إعراب القرآن ـ للنحاس ١ : ١٣٤.
(٧) الحجة ـ لأبي علي الفارسي ١ : ١٥٠ ، وفيه : (ونظير ما قلنا أيضا في المبتدأ قوله (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) ألا ترى أن الذكر يرجع إلى هذا المبتدأ أيضا على المعنى).