كائن. فكما أن (كائنا) يرفع الضمير ، فكذا ما قام مقامه. فيومئذ في موضع الخبر. والحق رفع ، لأنه بدل من ذلك الضمير الذي في الظرف. ولا أحمل الحق على أنه وصف للوزن ، للفصل بالخبر.
ولا أحمله على أنه خبر. ويومئذ : منصوب بالمصدر ، لأنه معرف بالألف ، واللام. والمصدر المعرف باللام إعماله قليل. ولا أحمله على أنه خبر بعد خبر ، كقولهم : هذا حلو حامض ، لأن الحق معرفة ، وكان تقديمه أولى. فلما لم يقدم ، علمت أنه محمول على البدل. وقال تعالى حكاية عن اليهود : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ)(١) فما بمعنى الذي ، ولهم ظرف متعلق بمضمر محذوف انتقل الضمير من المحذوف إلى هذا الظرف ، وارتفع به. فآلهة : بدل منه. فثبت أن الظرف فيه ضمير. [قال الشاعر] :
٦٨ ـ وإنّي لراجيكم على بطء سعيكم |
|
كما في بطون الحاملات رجاء (٢) |
ف (ما) : بمعنى الذي. والظرف صلته ، وفيه ضمير. ورجاء : بدل منه. فثبت أن فيه ضميرا.
وأما مجيء الحال عنه ، فقوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها)(٣). وقال : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها)(٤). وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها)(٥). فخالدين فيها ، وخالدين في هذه الآية ، حال. ولا بد [٢٣ / أ] لها من صاحب ، وصاحبها الضمير الذي في الظرف. فقوله : (ففي الجنّة) تقديره : فمستقرون في الجنة. فحذف وانتقل الضمير إلى الظرف ، فانتصب عنه الحال. وكذا : (أَنَّهُما فِي النَّارِ). أي : ثابتان في النار.
وكذا : (فِي نارِ جَهَنَّمَ) أي : ثابتون فيها. فانتصب الحال عن الضمير. وكذلك قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ)(٦). فيمن نصب (٧). ف (أشداء) : حال من الضمير في (معه).
ولو كان محذوفا ، يا أبا سعيد ، كما ادعيت ، لم تجئ هذه الأحوال عنه. وأما العطف عليه ، [فكقول الشاعر] :
٦٩ ـ ألا يا نخلة ، من ذات عرق |
|
عليك ، ورحمة الله ، السّلام (٨) |
فالسلام : مبتدأ. وعليك : خبر مقدم. وفيه ضمير انتقل إليه مما تعلق به. والضمير مرفوع.
وقوله : ورحمة الله : عطف على ذلك الضمير. فثبت ما قلنا : ولا أحمله. [وليس منه قول الشاعر] :
__________________
(١) ٧ : سورة الأعراف ١٣٨.
(٢) البيت من الطويل ، لم أهتد إلى قائله.
(٣) ١١ : سورة هود ١٠٨.
(٤) ٥٩ : سورة الحشر ١٧.
(٥) ٩٨ : سورة البينة ٦.
(٦) ٤٨ : سورة الفتح ٢٩.
(٧) وهي قراءة : الحسن البصري. مختصر في شواذ القرآن ١٤٣ ، وإعراب القرآن ـ للنحاس ٣ : ١٩٦ ، وتفسير القرطبي ١٦ : ٢٩٣ ، ومجمع البيان ٩ : ١٢٥.
(٨) البيت من الوافر ، للأحوص ، في الخزانة ١ : ٣٩٩.
وبلا نسبة في : الخصائص ٢ : ٣٨٦ ، والجمل ١ : ٢٤٥ ، ٢ : ٨٤ ، واللسان (شيع) ٨ : ١٩١ ، وعجزه فيه :
... |
|
برود الظل شاعكم السّلام |
أي : تبعكم السّلام ، وشيعكم. وعلى هذه الرواية ، لا شاهد فيه.