٧٠ ـ جمعت ، وفحشا : غيبة ، ونميمة |
|
ثلاث خلال ، لست عنها بمرعوي (١) |
لأن عن ذلك مندوحة. ألا ترى أن الحمل على هذا أحسن. وأما التأكيد ، فإنك تقول : الدراهم في الكيس جمع. فتحمله على الضمير الذي في الكيس. وإذا ثبت أن في هذا الظرف ضميرا قد انتقل إليه من اسم الفاعل ، فوجب أن يرتفع بهذا الظرف ، لقيامه مقامه. وأما الحالة التي جرى الظرف فيها مجرى الجملة ، ففي باب الصلة. كقولهم : جاءني الذي عندك. والتقدير جاءني الذي استقر عندك. فحذف استقر ، وانتقل الضمير إلى الظرف ، وهو في الصلة. ولا أحمله على : جاءني الذي مستقر عندك. لأن ذلك يقتضي وصل (الذي) بالمفرد. و (الذي) لا يوصل بالمفرد ، وإنما يوصل بالجملة. [فإن قلت] : فاحمله على (هو) ، أي : جاءني الذي هو عندك ، فحذف. فإن الحمل على غيره أولى ما وجد عنه مندوحة. [قلت] : فقد جاء : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(٢). فلا بد في الآية من إضمار هو. لأن قوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ). إله : رفع ، والذي ارتفع به ، لا يخلو : إما أن يكون هو المقدر الذي ادعيناه ، أو بالابتداء. و (فِي السَّماءِ) : الخبر ، على [٣٢ / ب] ، زعمكم ، أو بالظرف على زعم أبي الحسن (٣). وكلاهما غير سائغ ، إذ لا ضمير في قوله : (فِي السَّماءِ إِلهٌ) ، يعود إلى الموصول. فثبت على إضمار هو.
[واعلم] : أن حذف هو في الآية سائغ ، لطول الكلام. وطول الكلام يحتمل معه ما لا يحتمل مع غيره. ألا ترى أنهم ، قالوا : لو لا زيد لهلك عمرو ، فألزموا حذف خبر المبتدأ في هذا الباب ، لطول الكلام. وإن قلت : أحمل قوله : (إله) على الضمير الذي في الظرف ، أعني (فِي السَّماءِ) فهو وجه.
فيكون بمنزلة الحق في قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ)(٤) إلا أن الوجه الأول ، أحسن ، لأن قوله : (وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) في صلة الذي ، وهو داخل في الصلة ، فلا يبدل عن الضمير ، لأن البدل يجيء بعد تمام الموصول. وأما إحالة التي جرى فيها الظرف ، كأنه شيء على حياله من دون التفات إلى المفرد ، أو الجملة. فقولهم : إن في الدار زيدا وقوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً)(٥) و (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً)(٦) و (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ)(٧) [وقول الشاعر] :
٧١ ـ فلا تلحني فيها ، فإنّ بحبّها |
|
أخاك ، مصاب القلب ، جمّ بلابله (٨) |
ففصل بالظرف بين (إن) واسمه. والفصل ، بينهما بالمفرد لا يجوز ، فما ظنك بالجملة؟! لا يجوز : إنّ منطلق زيدا ، وإن أبوه قائم زيدا. واستجيز بالظرف. فلما كان للظرف هذه الأحوال لم
__________________
(١) البيت من الطويل ، ليزيد بن الحكم الثقفي ، في : أمالي القالي ١ : ٦٨ ، والأغاني ١٢ : ٢٩٦ ، والخزانة ٣ : ١٣٠ ، ١٣٤ ، ٩ : ١٤١.
وبلا نسبة في : الخصائص ٢ : ٣٨٣ ، وهمع الهوامع ٣ : ٢٤٠.
(٢) ٤٣ : سورة الزخرف ٨٤.
(٣) لم أجده في معانيه.
(٤) ٧ : سورة الأعراف ٨.
(٥) ٧٩ : سورة النازعات ٢٦.
(٦) ١٦ : سورة النحل ١١.
(٧) ٥ : سورة المائدة ٢٢.
(٨) البيت من الطويل. بلا نسبة ، في : الكتاب ٢ : ١٣٣ ، وابن عقيل ١ : ٣٤٩ ، والجمل ١ : ٤٤٠ ، والمغني ٢ : ٦٩٣ ، وشفاء العليل ١ : ٣٥٤ ، وهمع الهوامع ٢ : ١٦٠ ، والخزانة ٨ : ٤٥٢ ، ٤٥٣ ، ٤٥٥.