يعدّها (١) في جملة الجملة ، ولا في جملة المفرد ، بل [أفرده](٢) بالذكر ، فقال : واعلم أن الظرف قد يقع خبرا عن المبتدأ على ما نقلته لك من كلامه ، ثم أخذ يبين أن الظرف إذا كان ظرف مكان ، وقع خبرا عن الجثة ، والحدث جميعا. ولا يقع ظرف الزمان خبرا عن الجثة (٣). لا تقول : زيد يوم الجمعة ، أو نحو ذلك ، وإنما لم يجز ، لأن ظروف الزمان ، لا تكون أخبارا عن الجثث ، لأنه ، لا فائدة فيه ، وإنما لم تكن فيه فائدة ، لأنك إذا قلت : زيد يوم الجمعة ، فليس لتخصيص زيد بيوم الجمعة [مزية](٤) ليس في يوم الخميس ، لأن زيدا في يوم الجمعة بمنزلته يوم الخميس ، ويوم السبت.
[فإن قلت] : فما وجه قولهم : الليلة الهلال (٥)؟!.
فالهلال مبتدأ ، وهو شخص. والليلة ظرف زمان ، وهو في موضع خبره ، وقد زعمتم [٣٣ / أ] أنه لا يجوز : زيد يوم الجمعة ، وهذا بخلافه.
[قلت] : إن هذا الكلام ، محمول على محذوف. وتقديره : الليلة طلوع الهلال. فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه. كما قال الله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٦) أي : أهل القرية. وفيه وجه ثان ، وهو : أن يكون التقدير : الليلة ليلة الهلال. فعلى هذا يكون الوجه الرفع ، فيقال : الليلة ، إذ لا عامل هناك يعمل في الظرف. وفيه وجه ثالث ، وهو : أن يكون الهلال بمعنى : الاستهلال.
والاستهلال : حدث ، فجاز لظرف الزمان أن يكون خبرا عنه [قال الشاعر] :
٧٢ ـ أكلّ عام نعم تحوونه |
|
يلقحه قوم ، وتنتجونه |
هيهات ، هيهات لما ترجونه |
|
أربابه نوكى ، فلا يحمونه |
ولا تلاقون طعانا دونه (٧) |
فإنه مثل قولهم : الليلة الهلال ، لأن قوله : نعم ، جثة. وكلّ عام : ظرف زمان. فتقديره : أكلّ عام حدوث نعم ، فحذف ، كما قلنا.
وأما إذا كان المبتدأ حدثا ، فكلا الظرفين يجوز أن يكون خبرا عنه ، كما ذكره أبو الفتح. ثم اعلم ، بعد ، أن الظرف ، إذا تقدم على الاسم ، نحو قولك : خلفك زيد ، فهو عند سيبويه (٨) : في نية
__________________
(١) يعني : سيبويه.
(٢) الأصل غير واضح.
(٣) الكتاب ١ : ١٣٦ ، ونصه : (وجميع ظروف الزمان لا تكون ظروفا للجثث). وينظر : قول السيرافي ، في هامش الكتاب ١ : ٤١٨.
(٤) الأصل غير واضح.
(٥) الكتاب ١ : ٤١٨.
(٦) ١٢ : سورة يوسف ٨٢.
(٧) من الرجز ، لقيس بن حصين بن يزيد الحارثي ، في : الخزانة ١ : ٤٠٩ ، ٤١٢ ، وفيها : أيهات ، بدل : هيهات.
وروي الأول بلا نسبة في : الكتاب ١ : ١٢٩ ، والإنصاف ١ : ٦٢.
(٨) الكتاب ١ : ٤٠٤ ـ ٤٠٧.