في أبيات ، إلى أن أتى إلى قوله : فلسنا بالجبال ولا الحديد. وهذا البيت [استشهد (١)] : به سيبويه (٢) في الحمل على الموضع. والطعن ليس بمتجه ، لأن سيبويه قد سمع هذا البيت ممن يصح الاحتجاج بقوله مع أبيات أخر منصوبة القافية ، وقبلها :
١٠٦ ـ أقيموها بني حرب إليكم |
|
ولا ترموا بها الغرض البعيدا (٣) |
إلى أن أتى إلى قوله :
١٠٧ ـ ... |
|
فلسنا بالجبال ، ولا الحديدا |
وها أنا أبين لك هذه القاعدة ، لكن ننهاك عن الإقدام على الطعن في هذه الأبيات. أعني أبيات سيبويه ، وذلك ، لأن البيت ربما يقوله قائله على وجه ، ثم العرب تنشده على ما يصح في لغتها ، وإن لم يكن على الجهة التي قالها قائله. فسيبويه يسمعه من العرب على ما يصح في لغتها ، فيصح له الاحتجاج به ، لأن من سمعه منه قوله حجة ، وإنشاده صحيح. ألا ترى أنه قد احتج في ترخيم معاوية ، أنه يجوز ذلك بعد حذف التاء ، حذف الياء ، فتقول : يا معاو أقبل. وقد أنشد [٤٦ / أ] في ذلك [قول الشاعر] :
١٠٨ ـ فقد رأى الرّاؤون غير البطّل |
|
أنّك يا معاو يا ابن الأفضل (٤) |
والذي في بيت العجاج :
١٠٩ ـ إنّك يا يزيد يا ابن الأفضل
ولكن سمعه من العربي الذي قوله حجة ، كقول العجاج. ثم إن طعن الطاعن في قوله :
١١٠ ـ يا معاو يا ابن الأفضل
لا يصح ، حيث يقول : إنه حذف التاء فحسب ، وإنه بقي : يا معاوي. فقال :
١١١ ـ يا معاوي ابن الأفضل
وليس على : يا معاوي ، ثم نداءات أخر ، لأن ما قاله سيبويه ، محتمل. وإذا احتمل ، وانضم إلى ذلك [قول الشاعر] :
١١٢ ـ أيا بجي ، أيا بجي |
|
إن أخي غير دعي (٥) |
يريد : يا بجيلة ، فحذف اللام بعد حذف التاء ، فافهمه. ثم إن بيت عقبة الأسدي ، شاهد في الحمل على الموضع. ولم يقنع به سيبويه ، بل ضم إلى ذلك أبياتا أخر ، منها قول [الشاعر] :
__________________
(١) الأصل غير واضح.
(٢) الكتاب ١ : ٦٧.
(٣) سبق ذكره رقم (١٠٤).
(٤) من الرجز ، للعجاج ، في : ديوانه ١٦٣ ، ١٦٤ ، والكتاب ٢ : ٢٥٠ ، والتحصيل ٢٢٧.
وبلا نسبة في : الخصائص ٣ : ٣١٦ ، والخزانة ٢ : ٣٧٨.
(٥) من مجزوء الرجز. لم أهتد إلى قائله.