في (أولاء) فما تقول في (هؤلاء) وقد ظهرت (ها) فيه ، وهي للإشارة ، فيمكنه أن يقول مثل ما قيل في (أمس) إلا أن طريقة أبي علي في هذه الأشياء غير الذي قال. ألا ترى أنه قال ، وهو يرد على أبي إسحق (١) قوله في (ثمّ) في قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)(٢) : إن (ثمّ) بني لتضمنه معنى الإشارة ، فقال أبو علي : ما من اسم إلا وهو إشارة إلى المسمى ، ودليل عليه ، فيجب أن يكون جميع الأسماء مبنية. وليس الأمر كذلك ، وإن قال إنه مبهم ، فإن قولنا : شيء مبهم ، وليس بمبني.
فالموجب ل (هؤلاء) ول (ثم) البناء ، وهذا وذاك عنده (٣) تضمنه معنى لام التعريف (٤). وقد ذكرنا هذا في مواضع أخر.
[قال أبو الفتح] : وفي الحرف ، في (جير).
[قلت] : بني (جير) ، لأنه حرف ، وحرك لالتقاء الساكنين ، وكسر ، لأنه الأصل في التقاء الساكنين.
[قال أبو الفتح] : وفي لام الإضافة ، ويائها.
[قلت] : الأصل في الحروف المفردة كلها أن ينطق بها مفتوحة ، كواو العطف ، وفائه ، نحو : زيد ، وعمرو ، وزيد فعمرو ، إلا أن الباء جاءت بخلاف الأصل ، مكسورة ، حتى يكون وفقا لمعموله. ألا ترى أنه يعمل الجر في نحو قولك : مررت بزيد ، فلما كان كذلك أعملوه وبنوه على الكسر. فأما اللام في نحو قولك : المال لزيد ، فإن الأصل فيه الفتح ، لأنه حرف جاء لمعنى.
والدليل على ذلك قولك : المال لك وله. فالفتح فيه الأصل ، لأن المضمر يرد الأشياء [٨ / ب] إلى أصولها ، وإنما كسرت مع المظهر ، في نحو : لزيد ، ولعمرو ، حتى يفرق بين لام الابتداء ، ولام الجر ، في نحو قولك : إن هذا لزيد ، إذا أردت أنه ملكه ، و : إنّ هذا لزيد ، إذا أردت أنه هو. فلما كان هذا الفرق لا بد منه ، كانت الحركة فارقة بينهما. [فإن قلت] : إنك إذا قلت : إنّ هذا لزيد ، فإن عمل اللام الذي هو الجر يفصل بين المعنيين ، ألا ترى أنك إذا قلت : إنّ هذا لزيد ، تريد : أنه (هو) ، رفعت. وإذا أردت أنه ملكه ، جررت ، فالرفع ، والجر يفرقان بين المعنيين.
[قلت] : هذا المعنى يتصور فيما ظهر فيه الإعراب. فأما ما لا يظهر فيه الإعراب ، نحو قولك : إن هذا لموسى ، وإن هذا لموسى ، فإنه لا بد من فتح اللام ، وكسرها في الموضعين ، ليفرق
__________________
(١) هو إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج (ت ٣١١ ه ، وقيل : ٣١٦). له : (معاني القرآن) ، و (الاشتقاق) ، و (خلق الإنسان) ، و (القوافي) ، و (النوادر). ينظر : طبقات النحويين ١١١ ، ١١٢ ، ونزهة الألباء ١٨٣ ، ١٨٥ ، والبلغة ٥ ، ٦.
(٢) ٢ : سورة البقرة ١١٥.
(٣) أي : عند ابن جني.
(٤) مجمع البيان ١ : ١٩١ ، وفيه : (إنما بني (ثمّ) في الأصل ، لأنه معرفة. وحكم الاسم المعرف أن يكون بحرف ، فبني لتضمنه معنى الحرف الذي يكون به التعريف ، والعهد. ألا ترى أن (ثمّ) لا تستعمل إلا في مكان معهود معروف لمخاطبك).
وفي المغني ١ : ١١٩ : (وهو ظرف لا يتصرف يشار به إلى المكان البعيد).