بين المعنيين. فاللام : أصله الفتح ، كما هو في المضمر ، إلا في قولك : المال لي ، فإنه كسر أيضا مع الياء لمجاورة الياء. ولهم دليل آخر في فتح هذه اللام ، وهو قولهم : يا لزيد ، إذا أردت الاستغاثة.
بفتح اللام ، لأن المنادى واقع موقع المضمر ، إذا قلت : يا زيد. فكأنك قلت : يا أنت ، ولهذا بني ففتح اللام مع هذا المنادى ، لوقوعه موقع (أنت).
[فإن قلت] : هذا الكلام لا يجديكم. أعني : فتح اللام ، وكسرها ، للفرق بين المعنيين ، ألا ترى أنهم يقولون : إن هذا لك ، إذا أردت أنه ملكه ، وإن هذا لأنت ، إذا أردت أنه (هو) ، ففتح اللام في الموضعين ، ولا اكتراث بالمعنى الذي زعمتموه.
[قلت] : إن المعنى الذي ذكرناه معنى صواب. وفي قولهم : المال لك ، وإنك لأنت ، وإن هذا لأنت ، يتبين المعنى بشي آخر. وهو أن (أنت) لا يقع بعد اللام الجارة ، و (الكاف) لا يقع بعد لام الابتداء. فالمقصود : الفرق بين المعنيين. فمرة يتبين بفتح اللام ، وكسرها ، ومرة يتبين باختلاف المضمرين بعده. [فإن قلت] : فما بال الكاف الجارة ، في نحو : زيد كعمرو ، ولم لم يكن كالباء؟!.
[قلت] : الكاف فتحت لأنها تكون حرفا ، وتكون اسما. [٩ / أ] فكونها حرفا ، [قول الشاعر] :
٧ ـ ... |
|
وصاليات ككما يؤثفين (١) |
الكاف الأولى حرف ، لأنها دخلت على الثانية ، فجرته. والثانية اسم ، لأن الأولى دخلت عليه.
وكونها اسما ، [قول الشاعر] :
٨ ـ أتنتهون؟ ولن ينهى ذوي شطط |
|
كالطّعن يهلك فيه : الزّيت ، والفتل (٢) |
فالكاف ، هاهنا ، اسم لأنه فاعل (ينهى). والتقدير : لن ينهى مثل الطعن ذوي شطط.
وإن قال : إنه حرف ، لأنه كأنه قال : شيء كالطعن ، كما قال الله تعالى : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها)(٣) على تقدير : وجنة ، فإن هذا مفعول ، وكالطعن في موضع ما أسند إليه ، فلا يكون مثله.
[قال أبو الفتح] : ولا كسر في الفعل.
__________________
(١) البيت من السريع ، لخطام المجاشعي ، وصدره :
وغير ودّ جازل أو ودّين ...
وهو في : الكتاب ١ : ٣٢ ، ٤٠٨ ، ٤ : ٢٧٩ ، والتحصيل ٦٤ ، والخزانة ٢ : ٣١٣ ، ٣١٥ ، ٣١٨ ، ٥ : ١٥٧ ، ١٠ : ١٧٥ ، ١٨٥ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩١.
صاليات ، أراد بها : الأثافي ، لأنها صليت بالنار حتى اسودت. والأثافي : جمع أثفية ، وهي : الأحجار التي ينصب عليها القدر.
(٢) البيت من البسيط ، للأعشى. في : ديوانه ٦٣ ، والخصائص ٢ : ٣٦٨ ، وابن يعيش ٨ : ٤٣. وفيه : هل تنتهون ، بدل : أتنتهون. ويذهب ، بدل : يهلك.
الشطط : الجور ، والغلو في الحكم ، والابتعاد عن الحق. قال تعالى (فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ) ٣٨ : سورة ص ٢٢ ، وقال (لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) ١٨ : سورة الكهف ١٤.
(٣) ٧٦ : سورة الإنسان ١٤.