أما نصّ الحكاية الثانية المتعلقة بتعيين قبر الحمزة ، فهي كالآتي :
حدّثني الوالد (قدسسره) ، قال : لازمت الخروج إلى (الجزيرة) مدّة مديدة لأجل إرشاد عشائر بني زبيد إلى مذهب الحقّ ، وكانوا كلّهم على رأي أهل التسنن ، وببركة هدايته وإرشاده رجعوا إلى مذهب الإمامية ، كما هم عليه الآن. وهم عدد كثير يزيدون على عشرة آلاف نفس.
وكان في الجزيرة مزار معروف بقبر الحمزة بن الكاظم تزوره الناس ، ويذكرون له كرامات كثيرة. وحوله قرية تحتوي على مائة دار تقريبا.
قال (قدسسره) : فكنت أستطرق الجزيرة بالقرب منه ، ولا أزوره ، لما صحّ عندي أنّ الحمزة بن الكاظم (ع) مقبور في (الري) مع عبد العظيم الحسني.
فخرجت مرّة على عادتي ، ونزلت ضيفا عند أهل تلك القرية فتوقّعوا مني أن أزور المرقد المذكور فأبيت ، وقلت لهم : لا أزور من لا أعرف.
وكان المزار المذكور قلّت رغبه الناس فيه لاعراضي عنه. ثم ركبت من عندهم ، وبتّ تلك الليلة في قرية (المزيديّة) عند بعض ساداتها.
فلمّا كان وقت السحر جلست لنافلة الليل ، وتهيّأت للصلاة فلمّا صلّيت النافلة بقيت أرتقب طلوع الفجر ، وأنا على هيئة التعقيب إذ دخل عليّ (سيّد) ، أعرفه بالصلاح والتقوى من سادات تلك القرية ، فسلّم وجلس ، ثم قال : يا مولانا بالأمس تضيّفت أهل قرية الحمزة ، وما زرته.
قلت : نعم. قال : ولم ذلك. قلت : لأني لا أزور من لا أعرف. والحمزة بن موسى الكاظم (ع) مدفون في الري. فقال : «ربّ مشهور لا أصل له» ، ليس هذا قبر حمزة بن موسى الكاظم ، وإن اشتهر أنّه كذلك ، بل هو قبر أبي يعلى حمزة بن القاسم العلوي العباسي أحد علماء الاجازة من أهل الحديث ، وقد ذكره أهل الرجال في كتبهم ، وأثنوا عليه بالعلم والورع.