وهذا الموضع قريب من النخيلة ، وهي العباسية في كلام إبن نما ، والعباسيات اليوم. ولا شك أنّ النخيلة كانت باب الكوفة للخارج إلى الشام والمدائن وكربلاء.
فناسب أن يكون الصلب في الموضع العام ، أو بالقرب منه على ألّا يفوت الغرض المقصود من الارهاب ، وإراءة الغلبة وقوة السلطان.
وهذا الاعتبار يؤيد ما أرسله السيد المتتبّع. وبقي تحديد الموضع الذي دفن فيه قبل النبش والاخراج على ذمة التاريخ ، وسعة المنقّب (١).
يقول جودت القزويني : لقد أبطلنا الروايات التي تنبيء بوقوع نبش قبر زيد ، وصلبه في كتابنا «تهشيم التاريخ» ، وأثبتنا وقوع عملية القتل فقط دون الدخول بالتفاصيل.
ويؤثر أنّ للإمام زيد مشهدا بمصر يقال له مشهد رأس زيد الشهيد ، أورد ذكره ابن عثمان في كتابه «مرشد الزوّار» قال : قدم برأس زيد بن علي يوم الأحد لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ١٢٢ ه ، وبنوا عليه هذا المشهد المعروف بمشهد التبن (أو التبر) ، (بحري القاهرة). والدعاء فيه مستجاب ، والأنوار ترى عليه بالليل نازلة (٢).
يلاحظ :
١ ـ إنّ سياق تسلسل الأحداث يكذّب وجود مشهد لرأس الامام زيد بمصر.
٢ ـ ثبت أنّ جسد الامام زيد لم يتعرّض للتشويه ، أو الصلب والإحراق. وإنّما كان ذلك فقط في طي المرويات المحرّفة.
٣ ـ مما يبيّن تهافت الرواية أنّ تاريخ وصول رأس زيد بن علي إلى مصر الذي حدّده المؤلف بيوم الأحد ١٠ جمادى الآخرة ١٢٢ ه ، كان مزوّرا
__________________
(١) المقرّم ، زيد الشهيد ، ص ١٤٦.
(٢) الدر المنظّم في زيارة الجبل المقطّم ، ج ١ ، ص ١٩٩.