الأشرف ، وكان في ذلك الوقت لم يبلغ من السنّ إلّا مقدار عشر سنوات.
إنّه رأى في منامه أنّه واقف على ساحل بحر من البحور ، وجآء صبي بصورته إلى ذلك البحر ، فشرب ماء البحر كلّه فتعجّب الرائي من ذلك.
وإذا برجل واقف ، فقال له : أتعرف هذا الصبي؟! فقال : لا. فقال : هذا ولد ولد أختك فلان إبن فلان ، فانّه يكون عالما محيطا.
فانتبه من منامه متعجّبا حيث لم يسمع باسمه ، وإن عرف إسم أبيه ، حتى اتفق توفيق ذلك السيد النجيب ، وهو السيد جواد الطباطبائي (١) ـ شقيق بحر العلوم خاله العلّامة ، السيد محمد مهدي الطباطبائي (أعلى الله مقامه) ، لتقبيل تراب أبي تراب ، وزيارة والد الأئمة الأطياب في بلاد النجف الغروي ، فلمّا اتصل بهم ودخل على أخته ، وهي جدّة السيد (نوّر الله مرقده) ، أخذ يحدّثها عمّا شاهده في المنام ، وسألها عن وجود الغلام ، فما استتمّ الحديث معها ، إذ دخل عليه مع جماعة من أقرانه وأخوته وأولاد أعمامه ، فنظر إليهم فعرفه من بين الجميع ، وناداه باسمه.
وكان ذلك من أعظم الشواهد على ما ادّعاه ، وهذه من أقل عطاياه ، كما قال تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)(٢).
ولا شكّ أنّ رياضة النفس ترتقي بصاحبها إلى حظيرة القدس ، وتجريدها عن الشهوات الدنيوية يبلغ به أعلى المنازل الأخروية. وغير عجيب أن ينال المرء على حداثة سنّه غايته ، فالله أعلم حيث يجعل رسالته.
__________________
(١) السيد جواد الطباطبائي من العلماء ذوي النفوذ بمدينة بروجرد ، وهو جدّ المجتهد السيد حسين البروجردي المتوفى سنة ١٣٨٠ ه / ١٩٦١ م. توفي السيد جواد سنة ١٢٤٢ ه / ١٨٢٧ م.
(٢) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٩.