منبر ومحراب فيه ، مضافا إلى منارة يؤذن عليها ، وكان اليهود قد تملكوه ، وبنوا فيه بيوتا وغرفا يأوي إليها الزائرون.
وقد تفاقم النزاع بين الطرفين ، وكان هدف الشيعة طرد اليهود عن قرية الكفل وتخليص المنطقة منهم.
وتصدّى للمنازلة الشيخ علي خيري (ت : ١٣٢٠ ه / ١٩٠٢ م) العالم الديني بالقرية ، والوكيل عن مرجعيّة النجف. فما كان من اليهود إلّا وألصقوا به تهمة الفرار من الخدمة العسكرية التركية لدى ولاة الأمور ببغداد ، فطرد الشيخ علي من القرية.
وبعد مدّة قام الشيعة بارسال شكوى إلى الأستانة ، فأمرت السلطة هناك بفتح ملف التحقيق من جديد ، والوقوف على منشأ النزاع ، وأسبابه فأرسل وفد إلى قرية الكفل ، وانتهى التحقيق لصالح اليهود حيث قام الوفد بالتقاط صور للمكان ، أظهرت معالم المنطقة التي تختصّ باليهود ، وغيّبت (المنارة) التي هي رمز المسلمين في ذلك المكان.
وقد أصبحت قصة منارة الكفل مضرب المثل لدى العراقيين بكافة طبقاتهم ، واشتهرت اشتهارا واسعا. فإذا أرادوا أن يضربوا مثلا للشيء الماثل للعيان الذي ينكره الانسان ، وهو نصب عينيه يقولون : «مثل منارة الكفل».
قال الشيخ حرز الدين : «أنكر الوفد أنّ في المنطقة أثرا إسلاميا ، ولم تكن هناك منارة ، ولا مسجد النخيلة. وقد صوّر الوفد منظر القرية من خارجها ، فظهرت في الصورة منارة المسجد ، وقبّة القبر المخروطيّة. ثم قصّوا المنارة من الصورة الأولى ، وصوّروها ثانية ، فلم يظهر أثر لمنارة المسجد فيه. فصار التصوير شاهد حال الوفد» (١).
__________________
(١) حرز الدين ، مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٢٩٧.