النظر والمباحثة في الجدال والترك لما كان عليه الناس في أيّام المعتصم والواثق ، وأمر الناس بالتسليم والتقليد ، وأمر الشيوخ المحدّثين بالتحديث وإظهار السنّة والجماعة ، وأظهر لبس ثياب الملحمة وفضّل ذلك على سائر الثياب وأتبعه في داره على لبس ذلك وشمل الناس لبسه وبالغوا في ثمنه ، واهتماما بعمله واصطناع الجيّد منها لمبالغة الناس فيها وميل الراعي والرعيّة إليها ، فالباقي في أيدي الناس إلى هذه الغاية من تلك الثياب يعرف بالمتوكّليّة وهي نوع من ثياب ملحم نهاية في الحسن والصبغ وجودة الصنع.
المتوكّل وما فعل بأتياخ
قال الطبري في تاريخه ما حاصله : إنّ أتياخ كان غلاما خزريّا لسلام بن أبرش وكان طبّاخا فاشتراه المعتصم في سنة ١٩٩ ، وكان لأتياخ جلادة وبئس ، فرفعه المعتصم ومن بعده الواثق حتّى ضمّ إليه من أعمال السلطان أعمالا كثيرة وولّاه المعتصم معونة سامرّاء مع إسحاق بن إبراهيم وكان من قبله رجل ومن قبل إسحاق رجل ، وكان من أراد المعتصم والواثق قتله فعند أتياخ يقتل ، وبيده يحبس منهم محمّد بن عبد الملك بن زيّات وأولاد المأمون من سندس وصالح بن عجيف وغيرهم.
فلمّا ولي المتوكّل كان أيتاخ في مرتبته إليه الجيش والمغاربة والأتراك والموالي والبريد والحجابة ودار الخلافة ، فخرج المتوكّل بعد ما استوت له الخلافة متنزّها إلى ناحية القاطول فشرب ليلة فعربد على أيتاخ فهمّ أيتاخ بقتله ، فلمّا أصبح المتوكّل قيل له : فاعتذر إليه والتزمه ، وقال له : أنت أبي ، ربّيتني. فلمّا صار المتوكّل إلى سامرّاء دسّ إليه من يشير عليه بالاستئذان للحجّ ، ففعل ، فأذن له وصيّره