عمارة سامرّاء في عصر المتوكّل ؛ جعفر بن المعتصم
قال : لمّا توفّي الواثق ولي جعفر المتوكّل فنزل قصر الهاروني وآثره على جميع قصور المعتصم ، وأنزل ابنه محمّد المنتصر قصر المعتصم المعروف بالجوسق ، وأنزل ابنه إبراهيم المؤيّد بالمطيرة ، وأنزل ابنه المعتزّ خلف المطيرة شرقا بموضع يقال له بلكوار ، فاتصل البناء من بلكوار إلى آخر الموضع المعروف بالدور مقدار أربعة فراسخ ، وزاد في شوارع الحير شارع الأسكر والشارع الجديد.
بناء المسجد الجامع والملوية
وبنى المسجد الجامع في أوّل الحير في موضع واسع خارج المنازل ، لا يتّصل به شيء من القطائع والأسواق ، وأتقنه ووسّعه وأحكم بناءه وجعل فيه فوّارة ماء لا ينقطع ماؤها ، وجعل الطرق إليه من ثلاثة صفوف واسعة عظيمة من الشارع الذي يأخذ من وادي إبراهيم بن رياح ، في كلّ صفّ حوانيت فيها أصناف التجارات والصناعات والبيّاعات ، عرض كلّ صفّ مائة ذراع بالذراع المتعارف لئلّا يضيق عليه الدخول إلى المسجد إذا حضر المسجد في الجمع في جيوشه وجموعه وبخيله ورجله.
ومن كلّ صفّ الذي يليه دروب وسكك فيها قطايع جماعة من عامّة الناس فاتسعت على الناس المنازل والدور واتسع أهل الأسواق والمهن والصناعات في تلك الحوانيت والأسواق التي في صفوف المسجد الجامع. وأقطع نجاح بن سلمة الكاتب في آخر الصفوف ممّا يلي قبلة المسجد ، وأقطع أحمد بن إسرائيل الكاتب أيضا بالقرب من ذلك ، وأقطع محمّد بن موسى المنجّم وإخوته وجماعة من الكتّاب والقوّاد والهاشميّين وغيرهم.