حدّ العراق
أمّا حدّه من حديثة موصل طولا إلى عبّادان ، ومن العذيب بالقادسيّة إلى حلوان ، هذا حدّ السواد فيكون طوله مائة وستّين فرسخا ، وكانت السواد تعرف بميان روزان معناه بين الأنهر ، وكانت غلاة السواد تجري على المقاسمة في أيّام ملوك فارس إلى ملك قباذ بن فيروز ، فإنّه مسحه وجعل على أهله الخراج.
ويقال : إنّ أوّل من سكن السواد وعمّرها نوح النبي عليهالسلام حين نزلها عقب الطوفان طلبا للرفاه فأقام بها وتناسلوا فيها وكثروا من بعد نوح عليهالسلام وملكوا عليهم ملوكا وابتنوا بها المدائن ، واتصلت مساكنهم بدجلة والفرات إلى أن بلغوا من دجلة إلى أسفل كسكر ومن الفرات إلى ماوراء الكوفة وموضعهم هذا يقال له السواد ، وكانت الملوك تنزل بابل ، وكان الكلدانيّون جنودهم فلم تزل مملكتهم قائمة إلى أن قتل دارا وهو آخر ملوكهم ، ثمّ قتل منهم خلق كثير فذلّوا وانقطع ملكهم وكانت ملوك فارس إذا عنى بناحية من الأرض وعمرها سمّاها باسمه ، وكانوا ينزلون السواد ، لمّا جمع الله في أرضه من مرافق الخيرات وما يوجد فيها من غضارة العيش وطيب الهواء.
فضل العراق وأهله
قال المسعودي في مروج الذهب : قال بعض الحكماء في وصف العراق : إنّها منار الشرق ، وسرّة الأرض وقلبها ، إليه تحادرت المياه ، وبه اتصلت النضارة ، وعنده وقف الاعتدال ، وصفت أمزجة أهله ، ولطفت أذهانهم ، وأحدّت خواطرهم ، واتصلت مسرّاتهم فظهر منهم الدهاء ، وقويت عقولهم ، وثبتت بصائرهم ، وقلب