وقيل : إنّ المتوكّل بعد عوده بسرّ من رأى قتله ابنه المنتصر ولم يلبث إلّا أيّاما قلائل.
المتوكّل وشرائه السيف الذي قتل به
قال في مروج الذهب (١) : حدّث البحتري قال : اجتمعنا ذات يوم الندماء في مجلس المتوكّل فتذاكرنا أمر السيوف ، فقال بعض من حضر : بلغني يا أمير المؤمنين أنّه وقع عند رجل من أهل البصرة سيف من الهند ليس له نظير ولم ير مثله ، فأمر المتوكّل بالكتاب إلى عامل البصرة يطلبه بشرائه بما بلغ ، فنفذت الكتب على البريد وورد جواب عامل البصرة بأنّ السيف اشتراه رجل من أهل اليمن ، فأمر المتوكّل بالبعث إلى اليمن يطلب السيف وابتياعه ونفذت الكتب بذلك.
قال البحتري : فبينا نحن عند المتوكّل إذ دخل عليه عبيد الله بن يحيى والسيف معه وعرّفه أنّه ابتاعه من صاحبه باليمن بعشرة آلاف درهم ، فسرّ بوجوده وحمد الله على ما سهّل من أمره وانتضاه فاستحسنه وتكلّم كلّ واحد بما يحبّ ، فأخذه وجعله تحت فراشه فلمّا كان من الغداة قال للفتح : أطلب لي غلاما تثق بنجدته وشجاعته ادفع له هذا السيف ليكون واقفا به على رأسي لا يفارقني في كلّ يوم مادمت جالسا.
قال : فلم يستتمّ الكلام حتّى أقبل باغر التركي فقال الفتح : يا أمير المؤمنين ، هذا باغر التركي قد وصف لي بالشجاعة والبسالة وهو يصلح لما أراده أمير المؤمنين ، فدعا به المتوكّل فدفع إليه السيف وأمره بما أراد وتقدّم أن يزاد في مرتبته وأن يضعّف له الرزق.
__________________
(١) مروج الذهب ج ٥ ص ٣٦.