قال اليعقوبي في البلدان (١) : وبنى المسجد الجامع في أوّل الحير في موضع واسع خارج المنازل لا يتصل به شيء من القطايع والأسواق ، وأتقنه ووسّعه وأحكم بناه وجعل فيه فوّارة ماء لا ينقطع ماؤها ، وهذا التفصيل يناسب جامع الملويّة أضف إلى ذلك أنّا لم نعرف رجلا مشتهرا بهذه الكنية غير أبي دلف قاسم بن عيسى العجلي المتوفّى سنة خمس وعشرين ومائتين في خلافة المعتصم.
والذي يقوى في النظر أنّه أسّس هذا الجامع والمأذنة وأقطعه المعتصم. ومن المستبعد غاية البعد أنّ المعتصم أقطع جميع قوّاده ومماليكه ولم يجعل لأبي دلف قطيعة مع أنّه كان من أعظم قوّاده واشهر أمراء عساكره. وإليك أنموذجا من مآثر أبي دلف وفضائله مستندين في نقلها على المصادر الوثيقة.
مآثر أبي دلف قاسم بن عيسى العجلي
ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه : القاسم بن عيسى بن إدريس العجلي أبو دلف ، أمير الكرج ، كان شاعرا ، أديبا ، سمحا ، جوادا ، بطلا ، شجاعا ، ورد بغداد دفعات ، وبها مات سنة ٢٢٥.
وقال ابن خلّكان في وفيات الأعيان في حرف القاف : أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي ، كان أحد قوّاد المامون ثمّ المعتصم من بعده ، وكان كريما سريّا جوادا ممدوحا شجاعا مقداما ، ذا وقايع مشهورة ، وصنايع مأثورة ، أخذ عنه الأدباء والفضلاء ، وله صنعة في الغناء ، وله من الكتب كتاب البزاة والصيد ، وكتاب السلاح ، وكتاب النزهة ، وكتاب سياسة الملوك ، ولقد مدحه أبو تمام الطائي بأحسن المدائح ، ثمّ ساق الكلام إلى ما هو صريح في تشيّعه.
__________________
(١) البلدان : ٣٢.