به مسالح على ساير الطريق بين كلّ مسلحتين ميل على أن لا يزوره أحد ، فإذا رأوا أحدا أخذوه ويرسلوه إلى المتوكّل فيقتله أو ينهكه عقوبة ، والأخبار بهذا المعنى كثيرة.
ذهاب المتوكّل إلى دمشق
قال الدميري في حياة الحيوان في ترجمة الضر غام أنّ المتوكّل لمّا خرج إلى دمشق فركب يوما إلى رصافة هشام بن عبد الملك بن مروان فنظر إلى قصورها ثمّ خرج فرأى ديرا هناك قديما حسن البناء بين مزارع وأنهار وأشجار ، فدخله فبينما هو يطوف إذا برقعة قد التصقة في صدره فأمر بقلعها ، فإذا هذه الأبيات :
أيا منزلا بالدير أصبح خاليا |
|
تلاعب فيه شمأل ودبور |
كأنّك لم يسكنك بيض أوانس |
|
ولم تتبختر في فنائك حور |
وأبناء أملاك غواشم سادة |
|
صغيرهم عند الأنام كبير |
إذا لبسوا أدراعهم فعوابس |
|
وإن لبسوا تيجانهم فبدور |
على أنّهم يوم اللقاء ضراغم |
|
وأيديهم يوم العطاء بحور |
ليالي هشام بالرصافة قاطن |
|
وفيك أبته يا دير وهو أمير |
وروضك مرتاض ونورك مزهر |
|
وعيش بني مروان فيك نضير |
تذكّرت قومي خاليا فبكيتهم |
|
بشجو ومثلي بالبكاء جدير |
فعزّيت نفسي وهي نفسي إذا جرى |
|
لها ذكر قومي أنّة وزفير |
لعلّ زمانا جار يوما عليهم |
|
لهم بالذي تهوى النفوس بدور |
رويدك إنّ اليوم يتبعه غدا |
|
وإنّ صروف الدائرات تدور |
فلمّا قرأها المتوكّل ارتاع وتطيّر وقال : أعوذ بالله من شرّ أقداره ، ثمّ دعا صاحب الدير وسأله عن الرقعة ومن كتبها ، فقال : لا علم لي بها.