نبذة من آثار آل حمدان
ناصر الدولة هذا هو أبو محمّد الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي ، كان صاحب الموصل وما والاها ، وتنقّلت به الأحوال تارات إلى أن ملك الموصل بعد أن كان نائبا بها عن أبيه ، ثمّ لقّبه الخليفة المتقي بالله ب «ناصر الدولة» في مستهلّ شعبان سنة ثلاثين وثلائماة ، ولقّب أخاه أبا الحسن عليّ بن عبد الله بسيف الدولة في ذلك اليوم أيضا ، وعظم شأنهما. وكان المكتفي بالله قد ولّى أبا هما عبد الله الموصل وأعمالها في سنة اثنتين وتسعين ومأتين. وكان ناصر الدولة أكبر سنّا من أخيه سيف الدولة ، وأقدم منزلة عند الخلفاء ، وكان كثير التأدّب معه ، شديد المحبّة له ، توفّي أبو الحسن سيف الدولة سنة ست وخمسين وثلاثمائة بحلب ، ونقل إلى ميافارقين ودفن في تربة أمّه.
وقال ابن خلّكان في وفيات الأعيان : كان مرضه عسر البول ، وكان قد جمع من نفض الغبار الذي يجتمع عليه في غزواته شيئا وعمله لبنة بقدر الكفّ وأوصى أن يوضع خدّه عليها في لحده فنفّذت وصيّته في ذلك.
وقد أطنب الكلام في آثار هم الفاضل الأديب أبو منصور الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر المطبوع ، وقال في بعض كلماته : «كان بنو حمدان ملوكا أوجههم للصباحة ، وألسنتهم للفصاحة ، وأيديهم للسماحة ، وعقولهم للرجاحة ، وسيف الدولة مشهور بسيادتهم وواسطة قلادتهم ، وحضرته مقصد الوفود ، ومطلع الوجود ، وقبلة الآمال ، ومحطّ الرحال ، وموسم الأدباء ، وحلية الشعراء ، ويقال : إنّه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه من شيوخ الشعر ونجوم الدهر» وإنّما السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها ، كان أديبا شاعرا محبّا لجيد الشعر ، شديد الاهتزاز له ، وكان كلّ واحد من أبي محمّد عبد الله بن محمّد