[ترجمة الواثق بالله]
الواثق بالله هو هارون بن المعتصم ، ولد لعشر بقين من شعبان سنة ستّ وتسعين ومأة ، ومات بسرّ من رأى يوم الأربعاء لستّ بقين من ذي الحجّة سنة مأتين واثنتين وثلاثين. وقيل : ستّا وثلاثين ، بعلّة الاستسقاء ، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيّام ، وكان عمره اثنين أو ستّا وثلاثين سنة ، وكان أبيضا تعلوه صفرة ، حسن اللحية ، في عينيه نكتة ، أمّه أمّ ولد اسمها قراطيس.
وكان الواثق تبع أباه وجدّه في القول بخلق القرآن ، وقتل أحمد بن نضر الخزاعي بعد أن أحضره من بغداد إلى سامرّاء مقيّدا ، وحمل رأسه إلى بغداد ، وصلبت جثّته في سرّ من رأى لأنّه يقول أنّ القرآن ليس بمخلوق ، وكتب الواثق ورقة وعلّقها في أذن أحمد بن نضر : هذا رأس أحمد بن نضر بن مالك ، دعاه عبد الله الإمام الهارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيبه فأبى إلّا المعاندة فعجّل الله بروحه إلى النار ، ووكّل بالرأس من يحفظه ويصرفه عن القبلة برمح.
وكان الواثق وافر الأدب ، مليح الشعر ، أعلم الخلفاء بالغناء والأصوات وألحان عملها نحو مأة صوت ، وكان حاذقا يضرب العود ، راويا للأشعار والأخبار.
قال السيوطي : ولم يكن في خلفاء بني العبّاس أكثر رواية للشعر من الواثق.
وقيل : كان أروى من المأمون ، وكان المأمون قد مزج بعلم العرب وعلم الأوائل من النجوم والطبّ والمنطق ، وكان الواثق لا يخلط بعلم القرب شيئا ، وكان كثير الأكل جدّا.
قال ابن فهم : كان للواثق خان من ذهب مؤلّف من أربع قطع ، يحمل كلّ قطعة