ونقل عن كشكول شيخنا البهائي قدسسره أنّه قال : ولقد أخبرني بعض الفضلاء أنّه رأى في مجموع أنّ بعض الأدباء اجتاز بدار الشريف الرضي مؤلّف نهج البلاغة رحمهالله بسامرّاء وهو لا يعرفها ، وقد أخنى عليها الزمان ، وذهبت بهجتها وخلقت ديباجتها ، وبقايا رسومها تشهد لها بالنضارة ، وحسن البشارة ، فوقف عليها متعجّبا من صروف الزمان ، وطوارق الحدثان ، وتمثّل بقول الشريف الرضي :
ولقد وقفت على ربوعهم |
|
وطلولها بيد البلا نهب |
فبكيت حتّى ضجّ من لغب |
|
نضوى ولجّ بعذلي الركب |
وتلفّتت عنّي فمذ خفيت |
|
عنّي الديار تلفّت القلب |
فقيل له : هل تعرف صاحب هذه الدار؟ قال : لا. قال : هو لصاحب هذه الأبيات.
نقل هذه الحكاية السيّد العلّامة محمّد باقر الخوانساري في روضات الجنّات وقال : اجتاز بدار الشريف ببغداد .. الخ. وهو أقرب إلى الصحّة لأنّه قدسسره لم يعهد له دار بسامرّاء لأنّه ولد سنة تسع وخمسين وثلاث مائة وخربت سامرّاء في سنة تسع وسبعين ومائتين ، والله تعالى أعلم.
سبب انحلال سامرّاء وخرابها
جاء في كتاب الآثار العراقيّة القديمة (١) ذكر مقالة تحت عنوان «قصّة سامرّاء» ننقل النقاط الرئيسيّة منها التي تناسب المقام.
قال : قصّة مدينة سامرّاء من أغرب وأمنع قصص المدن في التاريخ ؛ قطعة أرض قفراء على ضفة مرتفعة من نهر دجلة ، لا عمارة فيها ولا أنيس بها إلّا دير
__________________
(١) الآثار العراقيّة القديمة : ٢٩.