وقال القرماني في أخبار الدول : وفي سنة اثنتين ومائتين زادت دجلة زيادة عظيمة حتّى خربت بغداد وبلغت الزيادة إحدى وعشرين ذراعا.
وقال السيوطي أيضا في تاريخ الخلفاء : وفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة غرقت بغداد غرقا عظيما ، وغرق الناس والبهائم ثمّ انهدمت الدور.
وقال في سيرة القائم بأمر الله : في سنة ستّ وستّين وأربعمائة كان الغرق العظيم ببغداد وزادت دجلة ثلاثين ذراعا ولم يقع مثل ذلك قطّ وهلكت الأموال والأنفس والدوابّ ، وركبت الناس في السفن وأقيمت الجمعة في الطيّار على وجه الماء مرّتين ، وانهدم مائة ألف دار أو أكثر.
وقال ابن الفوطي في الحوادث الجامعة : وفي سنة ستّ وأربعين وستّمائة زادت دجلة زيادة عظيمة أغرقت الجانب الغربي من بغداد ومحلّة الحربيّة والكرخ ومارستان وقصر المنصور ودار بختيار والسوق بأسره من رباط الخلاطيّة إلى القنطرة والشيخ معروف الكرخي وقطعة من سور المشهد الكاظمي على ساكنه السلام ، وجامع الحربيّة بأسره ومسجد العشائر ، وتلف من الأمتعة والغلّات شيء كثير ، ونبع الماء من أساس حائط المستنصريّة ، وامتلأت الطريق ، وامتنع الناس من الجواز هناك ، ثمّ زادت دجلة في ذي الحجّة زيادة مفرطة أعظم من الأولى ، فأحاط الماء ببغداد وكان الهواء شديدا ، فرمى ما بين يديه من الحيطان والخانات ، فلم يبق به دار إلّا هدمها ، ولم يتمكّن أحد من أهل هذه المواضع من نقل شيء ممّا لهم بها ونجوا بأنفسهم ووصل الماء إلى البدريّة ودار الوزير وباب العامّة ، وانهدمت بأسرها ، وأقام الماء في المدرسة النظاميّة ستّة أذرع ، وغرقت محلّة الرصافة ، ووقع أكثر دورها وسورها ، وغشي قبور الخلفاء. وأمّا الجانب الغربي فغرق بأسرها ، وأمّا المشهد الكاظمي على ساكنه السلام فإنّه هدم سوره ودوره ، فأقام الماء على الضريحين الشريفين بحيث لم يبين من الرمّاتين سوى رؤوسهما.