واجب حرمة؟ قال : يا أمير المؤمنين ، إنّما هي نعمتك ونحن فيها خدمك ، وما إراقة دمي في طاعتك إلّا بعض ما يجب لك.
ودخل أبو دلف على المأمون فقال : أنت الذي يقول فيك ابن جبلة :
إنّما الدنيا أبو دلف |
|
بين باديه ومحتضره |
فإذا ولّى أبو دلف |
|
ولّت الدنيا على أثره |
فقال : يا أمير المؤمنين ، شهادة زور ، وكذب شاعر ، وملق مستجدّ ، ولكنّي الذي يقول فيه ابن أخيه :
ذريني أجول الأرض في طلب الغنى |
|
فما الكرج الدنيا ولا الناس قاسم |
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : خرجت رفقة إلى مكّة وفيها أبو دلف القاسم بن عيسى ، فلمّا تجاوزت الكوفة حضرت الأعراب وكثرت تريد اغتيال الرفقة فتسرّع قوم إليهم فزجرهم أبو دلف وقال : مالكم ولهذا؟ ثمّ انفصل بأصحابه فعبّأ عسكره ميمنة وميسرة وقلبا فلمّا سمع الأعراب أنّ أبا دلف حاضر انهزموا من غير حرب ، ثمّ مضى بالناس حتّى حجّ فلمّا رجعوا أخبرت القافلة بأنّ الأعراب قد احتشدوا احتشادا عظيما وهم قاصدون القافلة ، وكان في القافلة رجل أديب شاعر في ناحية طاهر بن الحسين ، فكتب إلى أبي دلف بهذه الأبيات :
جرت بدموعها العين الذروف |
|
وظلّ من البكاء لها حليف |
أبا دلف وأنت عميد بكر |
|
وحيث العزّ والشرف المنيف |
تلاق عصابة هلكت فما أن |
|
بها ألّا تداركها خفوف |
كفعلك في البدى وقد تداعت |
|
من الأعراب مقبلة زحوف |
فلمّا أن رأوك لهم حليفا |
|
وخيلك حولهم عصبا عكوف |
ثنوا عنقا وقد سخنت عيون |
|
لما لا قوا وقد رغمت أنوف |
فلمّا قرأ أبو دلف الأبيات أجاب عنها بغير إطالة فكر ولا رويّة ، فقال :