يقبل إلى صلاته بنشاط وفراغ قلب وتمهل في فعلها ، ولا يتقاعس عنها فعل المنافق الذي يصلي على كره لا عن طيب نفس ورغبة. وما زال في كل عصر منافقون يتسترون بالإسلام ، ويحضرون الصلوات كالمتفلسفين الموجودين في عصرنا هذا ، وقد أشار بعض علمائنا إليهم في شعر قاله وضمن فيه بعض الآية ، فقال في أبي الوليد بن رشد الحفيد وأمثاله من متفلسفة الإسلام :
لأشياع الفلاسفة اعتقاد |
|
يرون به عن الشرع انحلالا |
أباحوا كل محظور حرام |
|
وردّوه لأنفسهم حلالا |
وما انتسبوا إلى الإسلام إلا |
|
لصون دمائهم أن لا تسالا |
فيأتون المناكر في نشاط |
|
ويأتون الصلاة وهم كسالى |
وقرأ الجمهور : كسالى بضم الكاف ، وهي لغة أهل الحجاز. وقرأ الأعرج : كسالى بفتح الكاف وهي لغة تميم وأسد. وقرأ ابن السميفع : كسلى على وزن فعلى ، وصف بما يوصف به المؤنث المفرد على مراعاة الجماعة كقراءة : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) (١).
(يُراؤُنَ النَّاسَ) أي يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة وأنهم مسلمون. وهي من باب المفاعلة ، يرى المرائي الناس تجمله بأفعال الطاعة ، وهم يرونه استحسان ذلك العمل. وقد يكون من باب فاعل بمعنى فعل ، نحو نعمة وناعمة. وروى أبو زيد : رأت المرأة المرآة إذا أمسكتها لترى وجهها. وقرئ : يرؤن بهمزة مضمومة مشددة بين الراء والواو. وقال ابن عطية : وهي أقوى في المعنى من يراؤون ، لأن معناها يحملون الناس على أن يروهم ويتظاهرون لهم بالصلاة وهم يبطنون النفاق. ونسب الزمخشري هذه القراءة لابن أبي إسحاق إلا أنه قال قرأ : يرؤنهم همزة مشددة مثل : يرعونهم أي يبصرونهم أعمالهم ، ويراؤونهم كذلك.
(وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) قال الحسن : قل لأنه كان يعمل لغير الله. وقال قتادة : ما معناه إنما قل لكونه لم يقبله ، وما رده الله فكثيره قليل ، وما قبله فقليله كثير. وقال غيره : قل بالنسبة إلى خوضهم في الباطل وقولهم الزور والكفر. وقال الزمخشري : إلا قليلا ، لأنهم لا يصلون قط غائبين عن عيون الناس إلا ما يجاهرون به ، وما يجاهرون به قليل ، لأنهم ما وجدوا مندوحة من تكلف ما ليس في قلوبهم لم يتكلفوه ، أولا يذكرون الله بالتسبيح
__________________
(١) سورة الحج : ٢٢ / ٢.