وأبو بكر بسكونها ، ورويت عن نافع. والأظهر في الفتح أن يكون مصدرا ، وقد كثر مجيء المصدر على فعلان ، وجوزوا أن يكون وصفا وفعلان في الأوصاف موجود نحو قولهم : حمار قطوان أي : عسير السير ، وتيس عدوان كثير العدو ، وليس في الكثرة كالمصدر. قالوا : فعلى هذا يكون المعنى لا يجرمنكم بغض قوم. ويعنون ببغيض مبغض اسم فاعل ، لأنه من شنيء بمعنى البغض. وهو متعد وليس مضافا للمفعول ولا لفاعل بخلافه إذا كان مصدرا ، فإنه يحتمل أن يكون مضافا للمفعول وهو الأظهر. ويحتمل أن يكون مضافا إلى الفاعل أي : بغض قوم إياكم ، والأظهر في السكون أن يكون وصفا ، فقد حكى رجل شنآن وامرأة شنآنة ، وقياس هذا أنه من فعل متعد. وحكى أيضا شنآن وشنآى مثل عطشان وعطشى ، وقياسه أنه من فعل لازم. وقد يشتق من لفظ واحد المتعدي واللازم نحو : فغر فاه ، وغرّفوه بمعنى فتح وانفتح. وجوز أن يكون مصدرا وقد حكى في مصادر شنيء ، ومجيء المصدر على فعلان بفتح الفاء وسكون العين قليل ، قالوا : لويته دينه ليانا. وقال الأحوص :
وما الحب إلا ما تحب وتشتهي |
|
وإن لام فيه ذو الشنان وفندا |
أصله الشنآن ، فحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها. والوصف في فعلان أكثر من المصدر نحو رحمان. وقرأ أبو عمرو ، وابن كثير : إن صدوكم بكسر الهمزة على أنها شرطية ، ويؤيد قراءة ابن مسعود : إن صدوكم وأنكر ابن جرير والنحاس وغيرهما قراءة كسران ، وقالوا : إنما صد المشركون الرسول والمؤمنون عام الحديبية ، والآية نزلت عام الفتح سنة ثمان ، والحديبية سنة ست ، فالصد قبل نزول الآية ، والكسر يقتضي أن يكون بعد ، ولأنّ مكة كانت عام الفتح في أيدي المسلمين ، فكيف يصدون عنها وهي في أيديهم؟ وهذا الإنكار منهم لهذه القراءة صعب جدا ، فإنها قراءة متواترة ، إذ هي في السبعة ، والمعنى معها صحيح ، والتقدير : إن وقع صدّ في المستقبل مثل ذلك الصد الذي كان زمن الحديبية ، وهذا النهي تشريع في المستقبل. وليس نزول هذه الآية عام الفتح مجمعا عليه ، بل ذكر اليزيدي أنها نزلت قبل أن يصدّوهم ، فعلى هذا القول يكون الشرط واضحا. وقرأ باقي السبعة : أن بفتح الهمزة جعلوه تعليلا للشنآن ، وهي قراءة واضحة أي : شنآن قوم من أجل أن صدوكم عام الحديبية عن المسجد الحرام. والاعتداء الانتقام منهم بإلحاق المكروه بهم.