ومحاربة الله تعالى غير ممكنة ، فيحمل على حذف مضاف أي : محاربون أولياء الله ورسوله ، وإلا لزم أن يكون محاربة الله ورسوله جمعا بين الحقيقة والمجاز. فإذا جعل ذلك على حذف مضاف ، أو حملا على قدر مشترك اندفع ذلك ، وقول ابن عباس : المحاربة هنا الشرك ، وقول عروة : الارتداد ، غير صحيح عند الجمهور ، وقد أورد ما يبطل قولهما.
وفي قوله : يحاربون الله ورسوله ، تغليظ شديد لأمر الحرابة ، والسعي في الأرض فسادا يحتمل أن يكون المعنى بمحاربتهم ، أو يضيفون فسادا إلى المحاربة. وانتصب فسادا على أنه مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال ، أو مصدر من معنى يسعون في الأرض معناه : يفسدون ، لمّا كان السعي للفساد جعل فسادا. أي : إفسادا. والظاهر في قوله : العقوبات الأربع أن الإمام مخير بين إيقاع ما شاء منها بالمحارب في أي رتبة كان المحارب من الرتب على قدّمناها ، وبه قال : النخعي ، والحسن ، في رواية وابن المسيب ، ومجاهد ، وعطاء ، وهو : مذهب مالك ، وجماعة. وقال مالك : استحسن أن يأخذ في الذي لم يقتل بأيسر العقاب ، ولا سيما : أن لم يكن ذا شرور معروفة ، وأما إن قتل فلابد من قتله.
وقال ابن عباس ، وأبو مجلز ، وقتادة ، والحسن أيضا وجماعة : لكل رتبة من الحرابة رتبة من العقاب ، فمن قتل قتل ، ومن أخذ المال ولم يقتل فالقطع من خلاف ، ومن أخاف فقط فالنفي ، ومن جمعها قتل وصلب. والقائلون بهذا الترتيب اختلفوا ، فقال : أبو حنيفة ، ومحمد ، والشافعي ، وجماعة ، وروي عن مالك : يصلب حيا ويطعن حتى يموت. وقال جماعة : يقتل ثم يصلب نكالا لغيره ، وهو قول الشافعي. والقتل إما ضربا بالسيف للعنق ، وقيل : ضربا بالسيف أو طعنا بالرمح أو الخنجر ، ولا يشترط في قتله مكافأة لمن قتل. وقال الشافعي : تعتبر فيه المكافأة في القصاص. ومدة الصلب يوم أو ثلاثة أيام ، أو حتى يسيل صديده ، أو مقدار ما يستبين صلبه. وأما القطع فاليد اليمنى من الرسغ ، والرجل الشمال من المفصل. وروي عن علي : أنه من الأصابع ويبقى الكف ، ومن نصف القدم ويبقى العقب. وهذا خلاف الظاهر ، لأن الأصابع لا تسمى يدا ، ونصف الرجل لا يسمى رجلا. وقال مالك : قليل المال وكثيره سواء ، فيقطع المحارب إذا أخذه. وقال أصحاب الرأي والشافعي لا يقطع إلا من أخذ ما يقطع فيه السارق. وأما النفي فقال السدي : هو أن يطالب أبدا بالخيل والرجل حتى يؤخذ فيقام عليه حد الله ويخرج من دار الإسلام. وروي عن ابن عباس وأنس : نفيه أن يطلب ، وروي ذلك عن الليث ومالك ، إلا أن مالكا قال : لا يضطر