انتهى. فيكون المحذوف المضاف إليه لكلّ نبي ، أي : لكل نبيّ منكم أيها الأنبياء. والشرعة والمنهاج لفظان لمعنى واحد أي : طريقا ، وكرر للتوكيد كما قال الشاعر :
وهند أتى من دونها النأي والبعد
وقال ابن عباس والحسن وغيرهما : سبيلا وسنة. وقال مجاهد : الشرعة والمنهاج دين محمد صلىاللهعليهوسلم ، فيكون المعنى لكل منكم أيها الناس جعلنا هذا الدين الخالص فاتبعوه ، والمراد بذلك إنّا أمرناكم باتباع دين محمد إذ هو ناسخ للأديان كلها. وقال المبرد : الشرعة ابتداء الطريق ، والمنهاج الطريق المستمر. وقال ابن الأنباري : الشرعة الطريق الذي ربما كان واضحا وغير واضح ، والمنهاج لا يكون إلا واضحا. وقيل : الشرعة الدين ، والمنهاج الدليل. وقيل : الشرعة النبي ، والمنهاج الكتاب. قال ابن عطية : والمنهاج بناء مبالغة من النهج ، ويحتمل أن يراد بالشرعة الأحكام ، وبالمنهاج المعتقد أي هو واحد في جميعكم ، وفي هذا الاحتمال بعد انتهى. قيل : وفي هذا دليل على أنا غير متعبدين بشرائع من قبلنا. وقرأ النخعي وابن وثاب : شرعة بفتح الشين ، والظاهر أنّ جعلنا بمعنى صيرنا ، ومفعولها الثاني هو لكل ، ومنكم متعلق بمحذوف تقديره : أعني منكم. قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون منكم صفة لكل ، لأنّ ذلك يوجب الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي الذي لا تشديد فيه للكلام ، ويوجب أيضا أن يفصل بين جعلتا وبين معمولها وهو شرعة انتهى. فيكون في التركيب كقولك : من كل ضربت تميمي رجلا ، وهو لا يجوز.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) أي ولو شاء الله أن يجعلكم أمة واحدة لجعلكموها أي جماعة متفقة على شريعة واحدة في الضلال. وقيل لجعلكم أمة واحدة على الحق.
(وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) أي : ولكن لم يشأ ذلك ليختبركم فيما آتاكم من الكتب. وقال الزمخشري : من الشرائع المختلفة ، هل تعلمون بها مذعنين معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات ، معترفين بأن الله تعالى لم يقصد باختلافها إلا ما اقتضته الحكمة ، أم تتبعون الشبه وتفرطون في العمل انتهى؟ وقال ابن جريج وغيره : ولكنه لم يشأ ، لأنه أراد اختبارهم وابتلاءهم فيما آتاهم من الكتب والشرائع ، فليس لهم إلا أن يجدوا في امتثال الأوامر.
(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) أي ابتدروا الأعمال الصالحة قاله : مقاتل. وهي التي عاقبتها أحسن الأشياء. وقال ابن عباس والضحاك : الخيرات الإيمان بالرسول.