أمية بن خلف. وقال النقاش : في أناس سواهم أسلموا ثم خرجوا إلى بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : غر هؤلاء دينهم.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها هي : أنه تعالى لما ذكر ثواب من أقدم على الجهاد ، أتبعه بعقاب من قعد عن الجهاد وسكن في بلاد الكفر. قال ابن عباس ومقاتل : التوفي هنا قبض الأرواح. وقال الحسن : الحشر إلى النار. والملائكة هنا قيل : ملك الموت ، وهو من باب إطلاق الجمع على الواحدة تفخيما له وتعظيما لشأنه ، لقوله تعالى : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) (١) هذا قول الجمهور. وقيل : المراد ملك الموت وأعوانه وهم : ستة ، ثلاثة لأرواح المؤمنين ، وثلاثة لأرواح الكافرين. ويشهد لهذا (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (٢) وظلمهم أنفسهم بترك الهجرة ، وقعودهم مع قومهم حين رجعوا للقتال ، أو برجوعهم إلى الكفر ، أو بشكهم ، أو بإعانة المشركين ، أقوال أربعة : وتوفاهم : ماض لقراءة من قرأ توفتهم ، ولم يلحق تاء التأنيث للفصل ، ولكون تأنيث الملائكة مجازا أو مضارع ، وأصله تتوفاهم.
وقرأ ابراهيم : توفاهم بضم التاء مضارع وفيت ، والمعنى : أنّ الله يوفي الملائكة أنفسهم فيتوفونها ، أي : يمكنهم من استيفائها فيستوفونها. والضمير في قالوا للملائكة ، والجملة خبر إنّ ، والرابط ضمير محذوف دل عليه المعنى ، التقدير : قالوا لهم فيم كنتم؟ وهذا الاستفهام معناه التوبيخ والتقريع. والمعنى : في أي شيء كنتم من أمر دينكم؟ وقيل : من أحوال الدنيا ، وجوابهم للملائكة اعتذار عن تخلفهم عن الهجرة ، وإقامتهم بدار الكفر ، وهو اعتذار غير صحيح.
قال الزمخشري : (فإن قلت) : كيف صح وقوع قوله : كنا مستضعفين في الأرض ، جوابا عن قولهم : فيم كنتم؟ وكان حق الجواب أن يقولوا : كنا في كذا ، ولم يكن في شيء؟ (قلت) : معنى فيم كنتم ، التوبيخ بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين حيث قدروا على الهجرة ولم يهاجروا ، فقالوا : كنا مستضعفين اعتذارا مما وبخوا به ، واعتلالا بالاستضعاف ، وأنهم لم يتمكنوا من الهجرة حتى يكونوا في شيء انتهى كلامه. والذي يظهر أنّ قولهم : كنا مستضعفين في الأرض جواب لقوله : فيم كنتم على المعنى ، لا على اللفظ. لأن معنى : فيم كنتم في أي حال مانعة من الهجرة كنتم ، قالوا : كنا مستضعفين أي
__________________
(١) سورة السجدة : ٣٢ / ١١.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٦١.