في حالة استضعاف في الأرض بحيث لا نقدر على الهجرة ، وهو جواب كذب ، والأرض هنا أرض مكة. (قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) هذا تبكيت من الملائكة لهم ، وردّ لما اعتذروا به. أي لستم مستضعفين ، بل كانت لكم القدرة على الخروج إلى بعض الأقطار فتهاجروا حتى تلحقوا بالمهاجرين ، كما فعل الذين هاجروا إلى الحبشة ، ثم لحقوا بعد بالمؤمنين بالمدينة. ومعنى فتهاجروا فيها أي : في قطر من أقطارها ، بحيث تأمنون على دينكم. وقيل : أرض الله أي المدينة. واسعة آمنة لكم من العدوّ فتخرجوا إليها. وهل هؤلاء الذين توفتهم الملائكة مسلمون خرجوا مع المشركين في قتال فقتلوا؟ أو منافقون ، أو مشركون؟ ثلاثة أقوال. الثالث قاله الحسن. قال ابن عطية : قول الملائكة لهم بعد توفي أرواحهم يدل على أنهم مسلمون ، ولو كانوا كفارا لم يقل لهم شيء من ذلك ، وإنما لم يذكروا في الصحابة لشدة ما واقعوه ، ولعدم تعين أحد منهم بالإيمان ، واحتمال ردته. انتهى ملخصا. وقال السدّي : يوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر كافرا حتى يهاجر ، إلا من لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلا انتهى. قال ابن عطية : والذي تقتضيه الأصول أنّ من ارتد من أولئك كافر ومأواه جهنم على جهة الخلود ، ومن كان مؤمنا فمات بمكة ولم يهاجر ، أو أخرج كرها فقتل ، عاص مأواه جهنم دون خلود. ولا حجة للمعتزلة في هذه الآية على التكفير بالمعاصي. وفي الآية دليل على أنّ من لا يتمكن من إقامة دينه في بلد كما يحب ، وجبت عليه الهجرة. وروي في الحديث «من فرّ بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة ، وكان رفيق أبيه إبراهيم ونبيه محمد صلىاللهعليهوسلم». (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) الفاء للعطف ، عطفت جملة على جملة. وقيل : فأولئك خبر إن ، ودخلت الفاء في خبر إنّ تشبيها لاسمها باسم الشرط ، وقالوا : فيم كنتم حال من الملائكة ، أو صفة لظالمي أنفسهم أي : ظالمين أنفسهم قائلا لهم الملائكة : فيم كنتم؟ وقيل : خبر إنّ محذوف تقديره : هلكوا ، ثم فسر الهلاك بقوله : قالوا فيم كنتم.
(إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) من الرجال جماعة ، كعياش بن أبي زمعة ، وسلمة بن هشام ، والوليد بن الوليد. ومن النساء جماعة : كأمّ الفضل أمامة بنت الحرث أم عبد الله بن عباس. ومن الولدان : عبد الله بن عباس وغيره. فإن أريد بالولدان العبيد والإماء البالغون فلا إشكال في دخولهم