وقربانهما انتهى. وقال بعضهم المفعول محذوف أي (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) وصيتهما.
وأما القراءة الثالثة وهي قراءة (اسْتَحَقَ) مبنيا للمفعول والأولين جمع الأول فخرج على أن الأولين وصف للذين ، قال أبو البقاء أو بدل من الضمير المجرور بعلى ، قال الزمخشري أو منصوب على المدح ومعنى الأولية التقدم على الأجانب في الشهادة لكونهم أحق بها انتهى ؛ وهذا على تفسير أن قوله : (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) أنهم الأجانب لا أنهم الكفار ، وقال ابن عطية معناها من القوم الذين استحق عليهم أمرهم أي غلبوا عليه ثم وصفهم بأنهم أولون أي في الذكر في هذه الآية وذلك في قوله : (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) انتهى.
وأما القراءة الرابعة وهي قراءة الحسن فالأولان مرفوع باستحق. قال الزمخشري ويحتج به من يرى رد اليمين على المدعي وهو أبو حنيفة وأصحابه لا يرون ذلك فوجهه عندهم أن الورثة قد ادعوا على النصرانيين أنهما اختانا فحلفا فلما ظهر كذبهما ادعيا الشراء فيما كتماه فأنكر الورثة فكان اليمين على الورثة لإنكارهم الشراء.
وأما القراءة الخامسة وهي قراءة ابن سيرين فانتصاب الأوليين على المدح.
(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا) أي فيقسم الآخران القائمان مقام شهادة التحريف أن ما أخبرا به حق والذي ذكرناه من نص القصة أحق مما ذكراه أولا وحرفا فيه وما زدنا على الحد. وقال ابن عباس ليميننا أحق من يمينهما ومن قال الشهادة في أول القصة ليست بمعنى اليمين قال هنا الشهادة يمين وسميت شهادة لأنها يثبت بها الحكم كما يثبت بالشهادة. قال ابن الجوزي (أَحَقُ) أصح لكفرهما وإيماننا انتهى.
(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) ختما بهذه الجملة تبريا من الظلم واستقباحا له وناسب الظلم هنا لقولهما (وَمَا اعْتَدَيْنا) والاعتداء والظلم متقاربان وناسب ختم ما أقسم عليه شاهدا الزور بقوله (لَمِنَ الْآثِمِينَ) لأن عدم مطابقة يمينهما للواقع وكتمهما الشهادة يجران إليهما الإثم.
(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) أي ذلك الحكم السابق ولما كان الشاهدان لهما حالتان : حالة يرتاب فيها إذا شهدا ، فإذ ذاك يحبسان بعد الصلاة ويحلفان اليمين المشروعة في الآية قوبلت هذه الحالة بقوله : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) أي على ما شهدا حقيقة دون إنكار ولا تحريف ولا