الأوليين على هذه الجماعة ثم يبنى الفعل للمفعول على هذا المعنى إيجازا ، ويقوي هذا الغرض أن يعدى الفعل بعلى لما كان باقتدار وحمل هنا على الحال ، ولا يقال استحق منه أو فيه إلا في الاستحقاق الحقيقي على وجهه ، وأما استحق عليه فيقال في الحمل والغلبة والاستحقاق المستعار انتهى.
والضمير في (مَقامَهُما) عائد على شاهدي الزور و (مِنَ الَّذِينَ) هم ولاة الميت. وقال النحاس في قول من قدر الذين استحق عليهم الإيصاء هذا من أحسن ما قيل فيه لأنه لم يجعل حرف بدلا من حرف يعني أنه لم يجعل على بمعنى في ولا بمعنى من ، وقد قيل بهما أي من الذين استحق منهم الإثم لقوله : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ) (١) أي من الناس استحق عليهم الإثم أي من الناس وأجاز ابن العربي تقدير الإيصاء واختار أبو عبد الله الرازي وابن أبي الفضل أن يكون التقدير من الذين استحق عليهم المال ، قال أبو عبد الله وقد أكثر الناس في أنه لم وصف موالي بهذا الوصف ، وذكروا فيه قولا والأصح عندي فيه وجه واحد وهو أنهم وصفوا بذلك بأنه لما أخذ مالهم استحق عليهم مالهم فإن من أخذ مال غيره فقد حاول أن يكون تعلقه بذلك المال تعلق ملكه له فصح أن يوصف المالك بأنه قد استحق عليك ذلك المال انتهى.
و (الْأَوْلَيانِ) بمعنى الأقربين إلى الميت أو الأوليان بالحلف ؛ وذلك أن الوصيين ادعيا أن مورث هذين الشاهدين باعهما الإناء وهما أنكرا ذلك فاليمين حق لهما ، كإنسان أقر لآخر بدين وادعى أنه قضاه فترد اليمين على الذي ادعى أولا لأنه صار مدعى عليه وتلخص في إعراب (الْأَوْلَيانِ) على هذه القراءة وجوه الابتداء والخبر لمبتدأ محذوف والبدل من ضمير (يَقُومانِ) والبدل من آخران والوصف لآخران والمفعولية باستحق على حذف مضاف مختلف في تقديره.
وأما القراءة الثانية وهي بناء (اسْتَحَقَ) للفاعل ورفع الأوليين فقال الزمخشري معناه من الورثة الذين استحق عليهم أوليان من سهم بالشهادة أن يجردوهما لقيام الشهادة ويظهروا بهما كذب الكاذبين انتهى.
وقال ابن عطية ما ملخصه (الْأَوْلَيانِ) رفع باستحق وذلك على أن يكون المعنى (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) مالهم وتركهم شاهدا الزور فسميا أوليين أي صيرهما عدم الناس أولى بهذا الميت ، وتركته فجازا فيها ، أو يكون المعنى من الذين حق عليهم أن يكون الأوليان منهم فاستحق بمعنى حق كاستعجب وعجب ، أو يكون (اسْتَحَقَ) بمعنى سعى واستوجب فالمعنى من القوم الذين حضر أوليان منهم فاستحقا عليهم أي استحقا لهم وسعيا فيه واستوجباه بأيمانهما
__________________
(١) سورة المطففين : ٨٣ / ٢.