المقصود التسلّي والائتساء بمن سبق من الأنبياء ، إذ كان في أممهم من يعاديهم كما في أمّة محمد من كان يعاديه ، وهم شياطين الإنس والظاهر في جعلنا أنه تعالى هو مصيرهم أعداء للأنبياء والعداوة للأنبياء معصية وكفر ، فاقتضى أنه خالق ذلك وتأول المعتزلة هذا الظاهر.
فقال الزمخشري وكما خلينا بينك وبين أعدائك كذلك فعلنا بمن قبلك من الأنبياء وأعدائهم ، لم يمنعهم من العداوة انتهى.
وهذا قول الكعبي قال : خلي بينه وبينه.
وقال الجبائي : الجعل هنا الحكم والبيان يقال كفره حكم بكفره وعدله أخبر عن عدالته. ولما بين للرسول كونهم أعداء لهم قال جعلهم أعداء لهم.
وقال أبو بكر الأصم لما أرسله الله إلى العالمين وخصه بالمعجزات حسدوه وصار الجسد مبينا للعداوة القوية ، فلهذا التأويل قال جعلهم له أعداء كما قال الشاعر :
فأنت صيرتهم لي حسدا
وذلك يقتضي صيرورتهم أعداء للأنبياء ، وانتصب غرورا على أنه مفعول له وجوّزوا أن يكون مصدرا ليوحي لأنه بمعنى يغرّ بعضهم بعضا أو مصدرا في موضع الحال أي غارّين.
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) أي ما فعلوا العداوة أو الوحي أو الزخرف ، أو القول أو الغرور أوجه ذكروها.
(فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) أي اتركهم وما يفترون من تكذيبك ويتضمن الوعيد والتهديد.
قال ابن عباس يريد ما زين لهم إبليس وما غرّهم به انتهى. وظاهر الأمر الموادعة وهي منسوخة بآيات القتال.
وقال قتادة كل ذر في كتاب الله فهو منسوخ بالقتال وما بمعنى الذي أو موصوفة أو مصدرية.
(وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ) أي ولتميل إليه الضمير يعود على ما عاد عليه في فعلوه ، وليرضوه وليكتسبوا ما هم مكتسبون من الآثام. واللام لام كي وهي معطوفة على قوله غرورا لما كان معناه للغرور ، فهي متعلقة