وأبو حيوة (وَنُسُكِي) بإسكان السين وما روي عن نافع من سكون ياء المتكلم في (مَحْيايَ) هو جمع بين ساكنين أجرى الوصل فيه مجرى الوقف والأحسن في العربية الفتح. قال أبو علي : هي شاذة في القياس لأنها جمعت بين ساكنين وشاذة في الاستعمال ووجهها أنه قد سمع من العرب التقت حلقتا البطان ولفلان بيتا المال ، وروى أبو خالد عن نافع (وَمَحْيايَ) بكسر الياء. وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى والجحدري ومحيي على لغة هذيل كقول أبي ذؤيب :
سبقوا هويّ.
وقرأ عيسى بن عمر (صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي) بفتح الياء وروي ذلك عن عاصم من سكون ياء المتكلم.
(لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) الظاهر نفي كل شريك فهو عام في كل شريك فتخصيص ذلك بما قيل من أنه لا شريك له في العالم أو لا شريك له فيما أتقرب به من العبادة أو لا شريك له في الخلق والتدبير أو لا شريك فيما شاء من أفعاله الأولى بها أن تكون على جهة التمثيل لا على التخصيص حقيقة ، والإشارة بذلك إلى ما بعد الأمرين (قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي قُلْ إِنَّ صَلاتِي) وما بعدها أو إلى قوله : (لا شَرِيكَ لَهُ) فقط أقوال ثلاثة أظهرها الأول ، والألف واللام في المسلمين للعهد ويعني به هذه الأمة لأن إسلام كل نبي سابق على إسلام أمته لأنهم منه يأخذون شريعته قاله قتادة. وقيل : من العرب. وقيل : من أهل مكة. وقال الكلبي : أولهم في هذا الزمان. وقيل : أولهم في المزية والرتبة والتقدّم يوم القيامة. وقيل : مذ كنت نبيا كنت مسلما كنت نبيا وآدم بين الماء والطين. وقال أبو عبد الله الرازي : معناه من المسلمين لقضاء الله وقدره إذ من المعلوم أنه ليس أولا لكل مسلم ؛ انتهى. وفيه إلغاء لفظ أول ولا تلغى الأسماء والأحسن من هذه الأقوال القول الأول. (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) حكى النقاش أنه روي أنّ الكفار قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم ارجع يا محمد إلى ديننا واعبد آلهتنا واترك ما أنت عليه ونحن نتكفّل لك بكل ما تريد في دنياك وآخرتك فنزلت هذه الآية والهمزة للاستفهام ومعناه الإنكار والتوبيخ وهو رد عليهم إذ دعوه إلى آلهتهم والمعنى أنه كيف يجتمع لي دعوة غير الله ربا وغيره مربوب له. (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) أي ولا تكسب كل نفس شيئا يكون عاقبته على أحد إلا عليها. (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تذنب نفس مذنبة ذنب نفس أخرى والمعنى لا تؤاخذ بغير وزرها فهو تأكيد للجملة قبله وهو جواب لقولهم اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم.