إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة
وأما قول الزمخشري : لاختلاله في اللفظ والمعنى فهو قول الزجاج بعينه. قال الزجاج : وهذا بعيد ، لأنه بالنسبة إلى اللفظ وإلى المعنى ، أما اللفظ فإنه يقتضي عطف المظهر على المضمر ، وذلك غير جائز. كما لم يجز قوله : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) (١) وأما المعنى فإنه تعالى أفتى في تلك المسائل ، وتقدير العطف على الضمير يقتضي أنه أفتى فيما يتلى عليكم في الكتاب. ومعلوم أنه ليس المراد ذلك ، وإنما المراد أنه تعالى يفتي فيما سألوه من المسائل انتهى كلامه. وقد بينا صحة المعنى على تقدير ذلك المحذوف ، والرفع على العطف على الله ، أو على ضمير يخرجه عن التأسيس. وعلى الجملة تخرج الجملة بأسرها عن التأسيس ، وكذلك الجر على القسم. فالنصب بإضمار فعل ، والعطف على الضمير يجعله تأسيسا. وإذا أراد الأمرين : التأسيس والتأكيد ، كان حمله على التأسيس هو الأولى ، ولا يذهب إلى التأكيد إلا عند اتضاح عدم التأسيس. وتقدم الكلام في تعلق قوله : «في يتامى النساء». وقال الزمخشري : (فإن قلت) : بم تعلق قوله : في يتامى النساء؟ (قلت) : في الوجه الأول هو صلة يتلى أي : يتلى عليكم في معناهن : ويجوز أن يكون في يتامى النساء بدلا من فيهنّ. وأما في الوجهين الأخيرين فبدل لا غير انتهى كلامه. ويعني بقوله في الوجه الأول : أن يكون وما يتلى في موضع رفع ، فأما ما أجازه في هذا الوجه من أنه يكون صلة يتلى فلا يتصوّر إلا إن كان في يتامى بدلا من في الكتاب ، أو تكون في للسبب ، لئلا يتعلق حرفا جر بمعنى واحد بفعل واحد ، فهو لا يجوز إلا إن كان على طريقة البدل أو بالعطف. وأما ما أجازه في هذا الوجه أيضا من أن في يتامى بدل من فيهن ، فالظاهر أنه لا يجوز للفصل بين البدل والمبدل منه بالعطف. ونظير هذا التركيب : زيد يقيم في الدار وعمرو في كسر منها ، ففصلت بين في الدار وبين في كسر منها بالعطف ، والتركيب المعهود : زيد يقيم في الدار في كسر منها. وعمرو واتفق من وقفنا على كلامه في التفسير على أنّ هذه الآية إشارة إلى ما مضى في صدر هذه السورة وهو قوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (٢) وقوله : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) (٣) وقوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) (٤) قالت عائشة رضياللهعنها : نزلت هذه الآية يعني : وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى أوّلا ، ثم سأل ناس بعدها
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١.
(٢) سورة النساء : ٤ / ٤.
(٣) سورة النساء : ٤ / ٢.
(٤) سورة النساء : ٤ / ٣.